حروف البقاء
نهداكِ داليتا حلمٍ سرمديّ
تدليّا روعةً
من سماء العشقِ الأسطوريّ
المرسلِ مِنْ آلهة الخصبِ
و من كهنةِ التاريخ.
وجنتُكِ الشّهباءُ
حبلى بحمرةِ الأزل.
شفتاكِ اليانعتان
معطّرتان بأرجوانِ الكرزِ
المنبعثِ مِنْ قواريرِ الأنوثة.
وجنتاكِ المنفردتان
كضفّتي دعةٍ
و مِروَحَتَي فرح.
شعرُكِ المغتسلُ
بخشوعِ الليلِ
و المُنسدلُ على أيكَتي
بانكِ المُنتصبُ
انتصابَ السلامِ
و المُنعطفُ انعطافَ اللينِ
المختمرِ من رقّة العذوبة
و منْ نشوةِ الابتسام.
حدّثتني حروفُ سحركِ
فأضاءتِ الأماني
و أشعلتِ الحنين
فتنسّمتْ رئةُ الوجودِ
منْ عبقِ هذا السّحر
و تراقص الكونُ طرباً
على إيقاعِ إبداعه.
لم أكنْ أعلمُ
أنّ للسّحر كلّ هذه الجاذبيّة
و أنّ للرقّة كلّ هذا المعاني
المتجليّةِ في بهاء المعرفة.
حروفُك أثمرتْ بقاءً
و صاغتْ بهاءً
و كانتْ رجاءً.
حروفُكِ صنعتْ أبجديةَ العشق
و أكملتْ مراسيمَ التاريخ.
حروفُكِ فتحتْ منافذَ العقلِ
و أنارتْ بهجةَ الحلم.
حروفُكِ عبثتْ بأوتار الخليقة
فأقامتْ لها نظماً مستقلاّ
و أحكمتْ طوقَها
حولَ عنقِ الفجر
فكانت الولادةُ
و كانَ الموتُ
و كانتِ القيامة
قيامةُ حروف البقاء
المتشعبّةِ في عمق التاريخ
الغائصةِ في روح الحكمة
المتسربلةِ مع أنفاس الطبيعة
القادرةِ على خلق الجنونِ
و على إرساء الإبداع
و على إنشاء الفضيلة.