عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 23-03-2013, 08:23 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,895
افتراضي

مائة سؤال و جواب للتمييز بين الخطأ و الصواب
تابع...
7 - هل يقبل المسلمون الحوار؟
في الحقيقة إنّ أكثر من ثمانين بالمائة من تاريخنا العربي و الإسلامي مزيّفٌ و مزوّر, تلعب فيه الأساطير و المبالغات و تضخيم الأحداث (بما يوافق الأمزجة و الأهواء) و تضخيم عيوب الآخر بشكل غير معقول أو صحيح (من أجل إظهار حسناتنا و تبرير سلوكياتا) فمن المنطقي أن نطرح سؤالا هاماً يتعلّق بهذا التاريخ و هذا التراث العربي و الإسلامي لنقول: من زوّر هذا التاريخ وما مصلحته في ذلك؟ و هل يقبل المسلمون الحوار؟
من الواضح أن الذي قام بتزويرالتاريخ و تزييفه هو المسلمون أولا و قبل غيرهم, إذ ساهموا بهذا مساهمة فاعلة و فعّالة, استطاعوا و خلال قرون طويلة من الزمن أن يقمعوا الفكر الحرّ و يهمشوا العقل ليتسنى لهم نشر أفكارهم بما لا يقبل أي جدل أو نقاش و الإبقاء عليها بربطها بالدين. فعندما مات محمد و ارتد كثيرون عن الإسلام (لعدم قناعتهم به من جهة و لخوفهم من قمع محمد الدائم لمن يقول لا له) فإن أبا بكر الصديق قام بحروبه المعروفة باسم حروب الردة. أي إجبار المرتدين عن الدين على العودة إليه بقوة السلاح و بالعنف و بالإرغام _ ليس بالحسنى و لا بالإقناع _ فقتل من قتل و أرغم الباقون على الرجوع عن ردتهم، و منذ أيام محمد و لغاية اليوم لا توجد حرية فكرية و لا رأي آخر في الاسلام، فإما أن تقبله و إما أن يتم اتهامك و تخوينك و تكفيرك و هدر دمك خاصة متى كنت مسلما و عارضت أفكار الإسلام, فالمرتد كافر و زنديق يجب قتله. و نحن نرى في عصرنا الحاضر كيف يتكالب المتأسلمون على من يعارضهم الرأي, فيقومون بتصفيته جسديا أو بحرقه فكريا و اجتماعيا لدرجة أنهم أرغموا بعض معارضيهم على تطليق نسائهم منهم (نصر حامد أبو زيد) و ما حصل مع الشيخ حسن البنا الذي قتله الإخوان المسلمون في مصر "بعد أن أصدر الشيخ حسن البنا قراراً بعزلة وتعيين السيد فايز قائداً للنظام الخاص بدلاً منة , وبعد أن أصدر البنا بيانه الذى قال فيه " ليسوا إخواناً .. وليسوا مسلمين " وهو ما يعنى تكفير أعضاء النظام الخاص الذين قتلوا رئيس الوزراء النقراشى والمستشار أحمد الخازندار , كما أن السندى كان هو المتهم الأول فى إغتيال زميلة المهندس / السيد فايز الذى حل محل السندى فى قيادة النظام الخاص بعد ذلك"
و المسلمون قتلوا ابن رشد و أحرقوا كتبه, و هؤلاء الذين قتلوا ابن رشد، و هم يكررون اليوم بنفس المنطق ونفس الفكر الظلامي التكفيري." فقد قال الكاتب كاظم فنجان الحمامي في إحدى مقالاته:
"من منكم لا يعرف الرازي والخوارزمي والكندي والفارابي والبيروني وابن سيناء وابن الهيثم ؟. ومن منكم لم يسمع بالغزالي وابن رشد والعسقلاني والسهروردي وابن حيان والنووي وابن المقفع والطبري ؟؟. ومن منكم لم يقرأ لافتات المدارس والمعاهد والسفن والمراكز العلمية والأدبية التي حملت أسماء الكواكبي والمتنبي وبشار بن برد ولسان الدين الخطيب وابن الفارض ورابعة العدوية والجاحظ والمجريطي والمعري وابن طفيل والطوسي وابن بطوطة وابن ماجد وابن خلدون وثابت بن قرة والتوحيدي ؟؟؟. .
لا شك إنكم تعرفون هذه النخبة المتألقة من الكواكب المتلألئة في فضاءات الحضارة العربية التي أشرقت بشموسها المعرفية الساطعة على الحضارة الغربية, ولا ريب إنكم تتفاخرون بهم وبانجازاتهم العلمية الرائعة في الطب والفلسفة والفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلم الفلك والهندسة والفقه وعلم الاجتماع والفنون والآداب, وكانوا أساتذة العالم فكرا وفلسفة وحضارة, وتعلمون إن عواصم كوكب الأرض تسابقت فيما بينها لإصدار باقات من الطوابع البريدية الجميلة لإحياء ذكراهم, فحلقوا فوق سحب القارات السبع, ونشروا رسالتهم المعبرة عن مشاعرهم الإنسانية الصادقة بين الشعوب والأمم على اختلاف ألسنتهم ودياناتهم. .
لكنكم لا تعلمون حتى الآن إن هؤلاء العلماء الأعلام صدرت ضدهم سلسلة من الأحكام التكفيرية بقرارات ونصوص متطابقة بالشكل والمضمون مع قرارات محاكم التفتيش, التي كفرت غاليلو, وجيوردا, ونويرنو, وكوبرنيكس, ونيوتن, وديكارت, وفولتير, وحرمت قراءة كتبهم, وبالغت في مطاردتهم وتعذيبهم والتنكيل بهم, فلا فرق بين تلك الأحكام التعسفية الجائرة, وبين الأحكام الارتجالية المتطرفة, التي ضللت الناس, وحرضتهم على قتل الطبري, وصلب الحلاج, وحبس المعري, وسفك دم أبن حيان, ونفي ابن المنمر, وحرق كتب الغزالي وابن رشد والأصفهاني, وتكفير الفارابي والرازي وابن سيناء والكندي والغزالي, وربما لا تعلمون ان السهروردي مات مقتولا, وإنهم قطعوا أوصال ابن المقفع, ثم شويت أمامه ليأكل منها قبل أن يلفظ أنفاسه بأبشع أنواع التعذيب, وان الجعد بن درهم مات مذبوحا, وعلقوا رأس (أحمد بن نصر) وداروا به في الأزقة, وخنقوا (لسان الدين بن الخطيب) وحرقوا جثته, وكفروا (ابن الفارض) وطاردوه في كل مكان."
أما في العصر الحاضر فحدث و لا حرج عن اغتيال المفكر فرج فودة و عن تكفير طه حسين, و لأن ناصرحامد أبا زيد نادى بوجوب نقد الخطاب الديني فقد تم تكفيره و هدر دمه و تطليقه من زوجته بقوة الشريعة و بموجب فتوى تكفيرية اعتبرته مرتداً كافراً، و بموجب هذا فإنّ زوجه ستكون زانية و كافرة, إن هي بقيت معه يا للعار و للخجل الذي لا يفهم معناه هؤلاء المتحذلقون و المتأسلمون المتشدقون الذين يريدون تخريب المجتمعات و هدمها بظلاميتهم التكفيرية الجاهلة و المتخلفة. كما تم الاعتداء الجسدي على نجيب محفوظ و قتل المعارض التونسي شكري بالعيد و غيرهم كثر و القائمة تطول و منهم الكاتب الهندي المسلم سلمان رشدي الذي أهدر الخميني دمه بفتوى و ما أكثر هذه الفتاوى التي تمنع المسلم من السؤال و الاستفسار و الرغبة في البحث بحرية لمعرفة الحق فهي لا تفسح المجال أمام عمل العقل, و لا تقبل بالرأي الآخر إلاّ إذا كان على هواها. هذه الأفعال و الممارسات هي التي منعت من النقد لكل السلبيات الموجودة في الفكر الاسلامي، و حتى مجرد وجهة نظر مخالفة ممنوعة, تركت أثرها على أية فكرة تسعى إلى التحرر الفكري و البحث الجاد, مما ترك أمر الإبقاء على هذا التراث كما هو عليه دون المساس به, فسيف التكفير و ترهيب الناس و تهديدهم بالتصفية الجسدية مسلّط على الرقاب, مما ساهم على نشر هذه الأفكار المغلوطة و بقائها, إلى أن صارت من المقدسات التي يجرم من ينتقدها أو يوجه إليها إصبع اتهام. عندما تغلق الأبواب أمام الحق فمن الطبيعي أن يغيب المنطق و تنعدم الموضوعية و يتم تجاهل الحقيقة، فتسطو الأساطير و الأفكار الضبابية و الظلامية الجاهلة التي تبقي هذه المجتمعات على تخلفها الاجتماعي و جهلها العلمي و بالتالي تمنع تطورها و تقدمها.
تأمل عزيزي القاريء أنّ هناك أكثر من مليار مسلم في العالم (و المسلمون يتفاخرون دائما بكثرة عددهم) لم يقدموا اختراعا واحدا وحيدا للعالم, اللهم سوى صناعة الإرهاب التي هي وليدة هذه الأفكار و حصيلتها الطبيعية و نتيجة حتمية لهذا الموروث الفكري المتزمّت و الإقصائي التكفيري، و هم بارعون به بدون أدنى شك, و قد تجاوزت حدود صناعتهم هذه حدود بلادهم إلى دول العالم الأخرى, فيما يوجد 9 ملايين يهودي في العالم, قدموا للبشرية أكثر من 200 اختراع, و المسلمون و العرب هم من بين الذين يستخدمون هذه الاختراعات في حياتهم اليومية.
ليست لدى العرب و المسلمين الجرأة على الاعتراف بأخطائهم و عيوبهم، و هم يظنون بأنّ التستر عليها أو تبريرها يلغيها أو يجمّلها و يغيّر صورتها. الجمال يكون من الداخل و هو المضمون و ليس من الشكل الخارجي, بل يفعلون عكس ذلك تماما, فهم يستميتون في الدفاع عنها على ما هي عليه من نواقص و عيوب و أفكار خارج عالم المنطق و حكايات هي أشبه ما تكون بالأساطير, يؤخذ بها على أنها من النصوص المقدسة التي لا يجوز المساس بها.
لماذا يخاف المسلمون من النقد؟
سؤال وجيه يجب أن يعرفه كل مسلم، فالنقد هو إبداء وجهة نظر في حالة سلبية أو فكرة غير صحيحة أو سلوك غير مقبول اجتماعيا أو الخ... و النقد عندما يكون موضوعيا فهو هادف و بنّاءٌ و يقصد منه تقويم الاعوجاج، و حين يكون في غير مكانه فهو لا يتعدى حدود كونه إنقاصا من الحالة أو الفكر أو الشخص الذي يطاله النقد. عندما يكون المُنْتَقَدُ صحيحا و ثابتاً و أصيلاً لا تقام عليه الحجة و يضعف أمامه البرهان، فهو لن يكترث بالمُنْتَقِد، لثقته بنفسه و بما هو عليه، و العكس يكون تماما حين يخاف الطرف المنتقَد على نفسه بسبب زعزعة الثقة و بطلان الدعوة.
العقل الحر و الفكر الواعي من حقه أن يسأل و يناقش و يبحث و ليس بالضرورة أن يمتثل لأوامر مسلمات مفروضة عليه، و إلا فلا مكان للعقل و لا للرأي و لا لحرية الاختيار و النقد. أما المسلمون فإنهم يخافون من النقد لأنهم يرون فيه تشكيكا بمعتقداتهم، أو أنه دعوة للتنقص و للبحث عن عيوبهم، (و من يكون على عيوب، فمن الطبيعي أن يتعرض للنقد) كما أنهم يرون في الناقد (حتى و إن جاء نقده صحيحا و في مكانه) أنه شخصٌ حاقد عليهم أو يحسدهم أو لا يريد الخير لهم، لهذا تراهم يتهجمون قبل كل شيء عليه شخصيا و يحاولون الهروب من الفكرة موضوع البحث و النقاش و سبب ذلك يكون على الأغلب اندفاع أعمى و غيرة لا واعية و قلة الحجة و انعدام إمكانية الرد بالمنطق، هم يسوقون كلاما إنشائيا ليس إلا، و لهذا فهم يعجزون عن الرد و النقاش الموضوعي الهادف. و الأهم من هذا أنهم يخافون من كشف بعض عورات تراثهم، و التي كثيرا ما يجهلونها و حين يعرفونها، لا يريدون أن يصدقوها، فيكذبونها و يرفضونها و يهاجمونها و يهربون من مواجهتها. لم أناقش مسلما واحدا في أي موضوع إلا و رأيته قفز ببهلوانية المسلمين المعهودة إلى موضوع آخر لتشتيت الفكرة و لتمييعها و الهروب من مواجهة حقيقتها، تحدثهم عن الشرق فيحدثونك عن الغرب، هذا هو الحال مع أكثرهم بكل أسف!

إنّ تغييب العقل هو ما تسعى إليه المؤسسة الدينية الإسلامية المتحكمة بالقرار الديني كالأزهر و قياداتها و المشرفين على تسيير أمورها و نشر رؤاها على كل الصعد و كذلك في المؤسسة الدينية السعودية لكون السعودية تمثّل الثقل الإسلامي السنّي, و هو واقع تحت تأثير الفكر الوهابي الاقصائي و العنصري الأصولي السلفي، و الخوف هو السبب الرئيس في وجوب تغييبهم للعقل و لعدم السماح بحرية الفكر و بوجوب قمع أي فكرة تحرّرية تدعو إلى تعديل مسار الدين من خلال نقد الموروث غير السليم، و الذي كثيرا ما يتعارض مع واقع الحياة و ما حصل من تطورات على صعيد المجتمع من خلال النهضة التكنولوجية و المعلوماتية التي وصلت إلى كل أسرة و بيت، فالعالم أصبح بفضل هذه النهضة كقرية صغيرة يمكن من خلاله التواصل بين جميع البشر و معهم. الخوف من التغيير هو سبب استمرار هذا القمع الفكري، و أية فكرة مهما تكن، إن لم تجدد نفسها و تسعى إلى تطوير أسسها و مبادئها و أفكارها و ممارساتها، فهي ستظل على ما هي عليه و لن تتمكن من مواكبة تطورات الحياة و لا التعاطي معها أو التفاعل. إن فرض الفكرة الخاطئة بأية قوة، هو عمل غير صحيح و غير مشروع و يناقض سنّة الحياة.
الفكر الضعيف و غير الواثق من نفسه، و غير المتأكد من صحته، هو الفكر الذي يخاف من الآخر، فيشكك بكل ما يأتي به هذا الآخر أو يطرحه من وجهات نظر و من رؤى فكرية أو آراء و مقترحات. الفكر الواثق من أسسه المتينة و قاعدته الثابتة لا يخشى من أي نقد أو رأي أو فكرة مغايرة لفكرته. الإقصاء و التكفير و غيره من ممارسات الترهيب الفكري و القمع الجسدي و غير الجسدي، لن يبرّر استمرارية الخطأ، بل هو يعقّده أكثر، فيستفحل أمره و يصل إلى درجة لا يمكن لأية محاولة نقد أو تعديل أو إصلاح أن تنجح أو تتخلل إلى مفاصله, و هذا ما وصل إليه الإسلام بفعل القائمين على شؤونه و إدارته.
إفساح مجال حرية النقد و احترام العقل هما السبيل الكفيل بأن يخرج الإسلام من المأزق الكبير و الخطير، الذي وضع نفسه به، و رغب بالاستمرار على نهجه على الرغم من كل الانتقادات التي توجه و وجهت إليه من جهات دينية أو من مفكرين إسلاميين تنويريين، لا يروا في كثير من الإسلام صحة و لا صلاحية لهذا العصر، و برأيي أنه لم يكن صالحا لعصره الذي جاء به، و الدليل على ذلك ما رأيناه من حروب و من غزوات و من تعديات و انتهاكات و من خروج عن الدين و حالات ارتداد كثيرة عنه حصلت في ظروف تاريخية مختلفة، لم تقبل بها المجتمعات التي احتلها الإسلام بالقوة ففرض نفسه دون قبول الناس به. ما كان قبل 14 قرنا من الزمن لا يمكن بأي حال أن يتم تطبيقه على هذا الواقع الذي حصلت فيه متغيّرات كثيرة و قفزات علمية و إصلاحية هائلة، وقف الإسلام حيالها موقف المتفرج، فهو لم يدرسها و لم يقيّم تجاربها لكي يستفيد منها، و إنما فعل العكس تماما، فهو شكّك بها و اتهمها بالتآمر عليه، فكفّها و اعتبرها ضد وجوده. هذا هو المبدأ الذي يتعامل به المسلمون مع الآخر.
لقد أوقع الإسلام نفسه في مشكلة كبيرة و عويصة، مما جعله في وضع غير محسود عليه، حين أعلن عن نفسه و قدّم مشروعه للناس على أنه "دين و دنيا" و لهذا فقد بات عسيرا عليه إنقاذ نفسه و الخروج من هذه الورطة، التي سببها لأتباعه، فمجرد التفكير عن الخروج على هذه القاعدة و هذا المبدأ، يكون الأمر متعلقا بالمساس بأسس الدين و تعاليمه و "بشرعه السماوي" إذ كيف للبشر أن يتحدوا إرادة الله و مشيئته في فرض شرعه و تطبيقه؟ فلو كان الإسلام ديناً فقط, كما هي المسيحية، لسهل الأمر أكثر و لتحققت تطورات من خلال اجتهادات تلائم روح العصر الذي نحن فيه، أما و لكونه دنيا أيضا" دين المجتمع والدولة والحياة والعبادة والتفاصيل بكافة أشكالها" فهذا ما جعله قالبا جامدا غير قابل للتجديد أو التحديث أو التقدم من خلال تطويره و حقنه بأفكار جديدة تكون معاصرة. و لكونه دنيا، فهو يعطي لنفسه الشرعية في فرض نفسه على المجتمع و الناس، سواءا كانوا منه أو من أديان أخرى، ففي حال تطبيق مباديء الشريعة المعروفة، فإن جميع القوانين المدنية و الاجتماعية و الإنسانية ، تلك التي توصلت إليها المجتمعات بعد صراعات و نضالات و تضحيات جمّة سوف تتعطل, و برأيي فإن هذه المجتمعات لن تسمح لنفسها بأن تخسر كل هذه الإنجازات لتتقهقر إلى الوراء و تعيد العمل بقوانين قره قوشية غير عادلة و غير إنسانية و هي تتعارض مع جميع مباديء و مفاهيم حقوق الإنسان. و هنا يمكن القول أنّ هذا من الإسلام السياسي الذي خرّب المجتمعات, و الإسلام السياسي حقيقة واقعة و لا يمكن فصله عن الإسلام التشريعي و إلاّ فمن أين يستقي هذا الشق تعليماته ومبادئه وسلوك أفراده ؟ و يقول الكاتب (رعد الحافظ) في مقالة بعنوان (خرافة الإسلام السياسي) ما يلي " الواقع على الأرض يشير بوضوح الى صعوبة الفصل بين شقي الأسلام ,
(العقائدي والسياسي) , فالأمر متداخل بينهما الى درجة يغدو معها من العبث التمييز بين النصوص الدينية وفعل الحركات الأصولية المنتشرة على الساحة والتي تسعى الى السلطة بأي وسيلة , حتى لو كانت التحالف مع الشيطان نفسه .
وما أراه شخصيا من محاولة البعض ,الذين أسميهم ب (أصحاب الأعراف ) , هو محاولة الفصل بين الأسلام كنص وعقيدة ودين... وبين سلوك الجماعات الأرهابية بمختلف أنواعها , ماهو إلا تذاكي من جانبهم مكشوف للجميع ,
بل إن أول المعارضين لذلك التفريق بين الأثنين , هم مشايخ الأسلام نفسه وعلماؤه إن صحت التسمية , وحتى مَنْ يسمون منهم بالمتفتحي" .

أما لكي يكون الشخص المسلم مسلما حقيقيا يعمل بما يدعوه إليه الإسلام، فينبغي عليه أن يكون كارها للغير و حاقدا عليهم(عملا بفكرة الولاء و البراء) . أن يكون إقصائيا فلا يقبل الآخر (لأنه الدين الوحيد الصحيح الذي أنزله الله) أن يشككوا بالآخر بسبب عدم ثقتهم بنفسهم و لضعف حجتهم و انعدام المنطق عندهم (عملا بنظرية المؤامرة المعمول بها منذ أيام الإسلام الأولى). أن لا يثقوا بالآخر(لا تأخذوا اليهود و النصارى أولياء لكم, فهم أولياء بعض). أن يكفّروا الآخر (كفر الذين قالوا.... و الآيات كثيرة, و للتكفير عند المسلمين ثماني حالات). أن يهاجموا الآخر فيشتموه و يلعنوه و يطلقون عليه أقذع الصفات (لعن الله... هناك أكثر من مائة حالة في الإسلام للعن و كذلك الشتم). و متى التقيتَ مسلماً مسالماً و معتدلاً و منفتحاً و متحابّاً مع الآخر (و الحمد لله هم الفئة الغالبة من المسلمين) فإن سلوكهم هذا لا علاقة له بالدين و لا بتعاليم الدين، إنّما هو نابع من طبيعة هؤلاء الأشخاص و من عقلهم النيّر و فكرهم المنفتح، و هؤلاء يمكن العيش معهم بدون أي شعور بالخوف، أما للذين هم على النحو المخالف، فكيف يمكن لهم العيش مع الآخرين، أم كيف سيعملون على إقامة فكر الحوار؟ هذا صعب جداً.
يتبع....
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس