[fouadzadieke]

أستاذنا و شاعرنا الأنيق الصديق صبري يوسف
إنّنا نعيش في زمن لازلنا نستمتع بالضحك على نفوسنا و نحن نحسب اننا نغشّ الآخرين و نخفي عنهم ما تعيشه حالنا لكن في واقع الأمر فإننا نسخر من ذواتنا و نحلّق في متاهات خيال و ترهات لم و لن يكون لها مستقبل البتة. إني لا أنطلق من وجهة نظر تشاؤمية بل لسان حال الواقع العربي يقول هذا و يعمل بهذا و لا يقبل بغير هذا!
في السعودية يمنع بناء سينما و العمل السينمائي و في مصر بلد السينما العربية كل نص و كل دور و كل فكرة يجب أن تخضع لرقابة الأزهر التي باتت عبئا على أصحاب الفكر النيّر في مصر و العالم العربي ففي كل يوم يتم تكفير العشرات من كتاب السيناريوهات أو الشعراء أو الأدباء و يتم تهديدهم بالقتل كما حصل للقمني و ما يحصل اليوم للشاعر المصري المبدع الشهاوي الذي كفر ديوانه الأخير و هدد بالقتل و كفّر و هذا ما حصل لطه حسين و لنجيب محفوظ و هذا ما كان من مصير فودة و غيرهم و غيرهم.
ليس بمقدور الفكر مهما كان نوعه فنا أو أدبا أو علما أن ينمو و يبدع تحت وطأة الترهيب و التكفير و غيرها من أساليب خفافيش الليل التي لا هم لها سوى قمع كل محاولة إبداع لكي تبقى دائما أفكارهم الظلامية و الأصولية المتشددة في القمة و لا يسمح لأي إبداع خارج هذه الدائرة المريضة عقليا و فكريا. لقد تخلّصت أوروبا من سيطرة الكهنوت و بدأت النهضة بالانتعاش و التقدم و الإبداع أما هذا الواقع العربي فلا خير فيه و لا أمل يرجى منه لطالما يبقى تحت رحمة التهديد و القضاء عليه. الأفكار الحرة و الإنسانية لا تنمو تحت المقصلة.
لكي تكون السينما و الفكر و الشعر بخير يجب أن تكون هذه المجتمعات بخير لأن جميع هذه العلوم و الآداب ستتفاعل مع المجتمعات لتأخذ منها و تعطيها و متى استمرّ الوضع على ما هو عليه فكيف و من أين يأتي الإبداع و التطور؟ أو تظهر النهضة و تنمو؟ إننا متى قلنا غير هذا فإننا نضحك على أنفسنا. دع الفكر حرا ستراه يبدع! أما أن تعتقله فلن يكون بمقدوره سوى التفكير في طريقة للنجاة و سيقف حد إبداعه. شكرا لك يا صديقي و علينا أن ننظر بروية و أن ننتقد أنفسنا و غيرنا متى كانت هناك دواعي حقيقية من أجل النقد البناء و متى سعينا إلى التغيير الواجب و هو ضروري في هذا العصر و كلّ العصور فالإنسان فكر و ليس جسد!