عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-07-2009, 11:18 PM
د. جبرائيل شيعا د. جبرائيل شيعا غير متواجد حالياً
Super-User
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 255
افتراضي صرخة بوجة التاريخ

صرخة بوجه التاريخ

من خلال تقلباتنا كتب التاريخ المكتوبة في هذه الأيام، وكذلك ما نسمعه وما نشاهده على شاشات التلفزة والانترنيت، وما يتبؤ به سياسيون هذا العصر. هذا ما يخالف التقاليد والاعراف الدولية وسنة الحياة وشرائع الأرض الطبيعية والدينية الروحية. كل هذه الامور تشير إلى أن التارخ قد غير مجرى عمله. كأنه أصبح موظف عند مسؤلين كبار في هذا العالم. هم يقودونه ويمسكوا بيده إلى المحطات التي يختارونها ويلزمه بها.
هذا العمل الذي يقوم به التاريخ، باتأكيد هذا ليس ذلك التاريخ المتعارف عليه من قبل.
هذا ما يزعجني ويؤثر في قلبي زيحذ صدري ويهد اعصابي ويقتل فكري.
اسمحوا لي أن أنادي واخاطب التاريخ:
لا يا تاريخ ماذا فعلت بهذه الأيام؟
هل استسلمت لشهوات الناس (السياسيين)؟
هل قبضت رشوة مقابل تغيير المواقف؟
لا يا تاريخ أنا اعرفك حق المحرفة،
أنت صريح وصادق.
أنت حقيقة واقعية شاملة تضيء بنورها الأجيال وتسير عليها الاحفاد والبشر.
ما أصابك يا تاريخ؟!!
أخبرني،
أنا ساكتم السر، في بئر عميق.
فاخبرني:
هل أنت عيان؟
هل أنت تعبان؟
أم هل أصبت بالعمى؟
وهل نخر المرض ضلوعك وعظامك وجسدك كله، واصبحت عاجز عن القيام بالمهام؟
أم هل سلمت أمرك للمسؤولين؟
لا يا تاريخ لا!!!
أنا لا أعرفك بهذا الشكل ولا بهذا الحالة.
هل هذه هي علامات الشيخوخة؟
على علمي أنك لا تشيخ،
أنت دوما حاضر وشاب صاحب عزم قوي جدا ومتين ثابت.
هل بالفعل ختيرت (شخت، كبرت)؟
أم أنك تختير نفسك وتبين ضعفك لمن يريد استغلال الضعيف والمسكين.
من الملاحظ أن علامات الشيخوخة تظهر عليك، والاخرون يستغلون الظروف ويلعبون بذقنك.
أم أنك تريد بالفعل أن تتخاذل وتتعامل وتلعب على الحبال الطويلة المرضية لمن لهم أيادي طويلة.
كما هو ملاحظ كعين الشمس أن هناك البعض بدأوا يزيفون الارشيف والكتب والتاريخ الحقيقي وحتى اسماء البلدان والاوطان وناهيك عن اسماء المدن والقرى. لم يكتفوا بذلك كله بدأوا يضحكون على الجميع بتزيفهم وتغييرهم. هذه الاشياء كلها تتم وأنت ساكت ولا تريد الرد ولا تجيب على اي سؤال يخصهم. هم يضحكون عليك أيضا ويدغدغون مشاعرك للضحك والبسمة. وأنت تضحك من شفتيك فقط وهذا ليس من عادتك أن تضحك على الناس، لكن أنت مجبر أن تقبلها وتحاول أن تتساهل معهم وتعمل كل خدمة تصب في مصلحتهم ومواقفهم.
بدأوا ينادون بالأرض، تلك الأرض التي ولدت فيها يا التاريخ، يا أيها الجبار العظيم. هذه الأرض التي هي مسقط رأسك. فيها ترعرعت، وفي ساحاتها ومكاتبها وقصورها ومعابدها وزيقوراتها قمت وكتبت ودونت وفي بيوتها وشوارعها عشت ولعبت.
هذه الأرض التي ولدت فيها أول الحضارات والمدنية.
فاليوم يتناحرون حولها ويغيرون أسمها وأنت ساكت مغمض العينين.
هذه الأرض ليست أرضهم.
غيروها وغيروك وغيروا اسم الوطن.
وأنت تسهر في الملاهي الليلية على سواحل البحر وتنام في أجمل وأفخم الفنادق ولا يهمك شيء مما كان. يكتبون بدلا عنك ويدونون بدلا عنك.
استلموا الارشيف والمخطوطات.
يخطوا ما يريدون، ويمحوا ما يريدون، وما يروه مناسب لمصالحهم.
وأنت ترضى بكل ما يأتون به إليك، بدون رخصة، أوتقديم طلب.
هم لم يقدموا استدعة كتاب للتغيير، ولكن غيروا على راحتهم على كيفهم اماشيا مع منوالهم. وغيروا وحولوا الاشياء على ما يرونه مناسبا لهم.
زيفوا الكتب وزيفوا الخرائط وزيفوا الارشيف.
وأنت ساكت بدون حراك بدون فعل فاعل.
وأنت لا تزال مشغول باللهو واللعب وسد الآذان وتسكير العيون وغلق الافواه وكسر الاقلام وتمزيق الاوراق.
وانت لا تدري ماذا يجري حولك؟
هل أنت سكران ومهموم ولا تعلم ماذا يجري، وما يفعلونه أمام عيونك؟؟؟؟
كنت دوما اشيد بمقدراتك الجبارة الجبروتية، لكن اليوم أنت أيضا تتخاذل معي مع أمتي.
كنت لي كالأخ الكبير، أخ عزيز وصديق حميم ورفيق غالي.
لأن كلانا أبناء أرض واحدة، وموطننا واحد.
نحن من بئة واحدة خرجنا.
كنت أعتبرك بمقام الأب والجد وافتخر واعتز بك دوما وابدا.
كنت لي السند والسندان.
فأنت هو الوثيقة الحقيقية والإثبات الاصيل، الذي يثبت وجودي منذ ألاف السنين على أرضي أرض اسلافي أرض الرافدين.
لكن سرقك مني الغرباء.
فأنت نسيتني وتهملني وتباعدت عني كليا ولا تريد التعرف علي ولا التقرب مني.
سرقوا مني صك الأرض، ووثيقة الإثبات وكل الوثائق الثبوتية والوكالات والكفالة التي مهرها لنا الاسلاف منذ أكثر من 6758 سنة. وأنت تعلم حق المعرفة بذلك جيدا وتغمض عيونك وتنام وتغرق بالسهر ولا توالي للأمر بشيء.
يا أيها الأخ الكبير أنت ترى الآن كل ذلك وتسكت.
أليس هذا جرم بحقي وحق أمتي.
هذه الأمة التي قدمت مالم يقدمة شعب على الكرة من حضارة ومدنية وكتابة وحرف.
فهل بهذه السهولة تتخلى عن هذه الجوهرة الثمينة، وتسلمها للأخرين؟
أنظر يا اخي جيدا، وتمعن بما يجري حولك وقرر بما يتناسب مع اصلك وفصلك وحقيقتك.
أنت هو التاريخ،
أنت هو الأرشيف،
أنت هو الاثبات.
أنت مني وأنا منك
أنت ابن الرافدين، وبهذه السهولة تتخلى عن أخيك ابن الرافدين.
فهل كل ما يفعله الاخرون الغرباء بأرض الاباء والجدود أنت راضي عنه؟؟؟!!
إذا فلماذا لا تحرك ساكن بحق السكان الأصليين؟ّ
ننتظر منك يا تاريخ أن تكون حقاني بكل معنى الكلمة.
اعطي كل من له الحق حقه.

د. جبرائيل شيعا
جزيران 2006م


_________________
د. جبرائيل شيعا
http://kulansuryoye.com
/

رد مع اقتباس