عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-05-2006, 12:50 AM
الياس زاديكه الياس زاديكه غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 14,102
افتراضي لماذا أطلق على الآراميين اسم "سريان"؟

السريان: الإطار التاريخي والجغرافّي


المطران د.لويس ساكو



المطران لويس ساكو


لماذا أطلق على الآراميين اسم "سريان"؟
أطلق مصطلح "السريان" و "السريانية" منذ القرنين الثاني و الثالث الميلاديّ على الآراميين و على الآرامية، أي على اللغة و الثقافة التي سادت المنطقة و تجلّت في أدب رفيع خصوصاً في الرُها، حيث تطوّرت اللغة بصورة مستقلّة و فرضت نفسها كلغة مكتوبة مزدهرة بفنونها بعد أن أصبح سكّان المقاطعة مسيحيين و جعلوها لغة الناس و الكنيسة، بها وعظ و كتب الإكليروس. و قد أثرت هذه اللهجة في المدن و القرى المسيحيّة المنتشرة في طول بلاد ما بين النهرين و سوريا وعرضها. و صارت لغة رسمية لهم. و لها يعود الإرث الأكبر من أدب هذه اللغة (1)، بينما بقي الاسم الآرامي القديم غير مستحبّ و مرتبطاً بالوثنية. و بالتالي، يحسب السريان أنفسهم ورثة الآراميين مباشرة. و التسمية الحاليّة "السريان" قد تأتي من سوريا موطنهم الأصليّ (2) أو من أسورية (أشور موطن الآراميين) أو من أسروينا، الاسم القديم للرُها. غير أن هذه التسمية ليست ذات أهمية، فالأهم هو أن السريانية شملت كل الناطقين بها من كلدان و أشوريين و سريان ومورانة وهي لا تقتصر على قبيلة معينّة أو طائفة أو فرع. و عند مجيء العرب المسلمين و استيلائهم على معظم مناطق الشرق الأوسط في القرن السابع، بدأت اللغة السريانية بالانحسار لصالح اللغة العربّية. لكنّ هذه التقاليد العريقة التي على مدى قرون قاومت وصمدت واستمرت، كما استمرت اللغة السريانية كلغة أدبية و طقسية للجماعات المسيحية المزدهرة في المنطقة حتّى بعد مجيء العرب. و إلى اليوم لا تزال السريانية المحكيّة (سوريث) تحافظ على مركزها كلغة حية لآلاف المسيحيّين القاطنين في مناطق طُورعبدين و الجزيرة سورية، و في قرى ومدن مثل الموصل و دهوك و أربيل، وفي مقاطعات واقعة شرق بحيرة أورميا، و في المهاجر الغربيّة. و لهم مدارسهم يدّرسون فيها لغتهم الأمّ ويستعلمونها في نواديهم و وسائل الإعلام السمعيّة- البصريّة الخاصّة بهم. و من المؤكد أن اللغة السريانية المحكية تأثرت باللغات المحلية الأخرى الأوسع انتشاراّ كالعربيّة و التركيّة و الفارسيّة و الكرديّة. و من الجدير بالذكر أن معظم مسيحيي العراق لايزالون يدعون بعضهم بعضاّ: سُورَايا – سُورَايِي.
وبسبب الانقسامات العقيديّة والمذهبيّة التي حصلت في القرن الخامس سُمّي بعض السريان بالسريان الشرقّيين، Syriaques orientaux ، نسبةً إلى شرق نهر الفرت حتّى إيران وهُم الكلدان والأشوريّون، تمييزاً لهم عن السريان الغربيينoccidentaux Syriaques ، نسبةً إلى غرب نهر الفرات وحتّى البحر المتوسّط، و هُم الموارنة و السريان الأرثوذكس و السريان الكاثوليك و الروم الأرثوذكس و الروم الكاثوليك الذين كانوا، في الماضي، يتكلّمون السريانية. واتّخذ كل من الشرقيين والغربيين نمطاً متميّزاً في كتابة اللغة السريانية و لفظها. و نمت السريانية و ازدهرت منذئذ لخدمة القضايا الدينّية- الروحيّة قبل أيّ شيء، حتّى غدت ثقافةً دينيّة مسيحيّة.


رد مع اقتباس