مرارتُ أحلامٍ موجعةٍ
تهدرُ من جوفِ الرّجاءْ
تقضّ مضاجعَ الحلمِ
تنتهجُ سلوكيّة الارتقاءْ
تحاولُ انتزاعَ المُلكِ
بلهفةِ الشجعانِ الشّرفاءْ
تخورُ القوى تتلاشى
الإراداتُ و ينهزمُ الصّفاءْ!
مراراتٌ تكدّستْ أمانيها
و تمنّياتُها في أدراجِ السّماءْ
لم يُفتحْ لها بابٌ و لمْ
ترقَ إلى مجازاتِ العلاءْ!
مراراتٌ سبقَ و أن أعلنَ
عنها من قبلُ الحكماءْ
و دبّجَ لها أساطينُ الأدبِ
و عانقتها عبقريّةُ الشعراءْ
لم تنحنِ لها هاماتُ الغرورِ
و لم تنحلّ عُقَدُ الهراءْ!
شريانُ دمٍ يتقلّصُ في
أوردةِ الزّمن بلا اكتفاءْ
دهرٌ أكلَ عليهِ السأمُ
و شربَ من مدامه الغباءْ
تناصفَ حكمه و تحكّم
الأغبياءُ و الحمقى و الجهلاءْ!
زالتْ متعةُ الأساطيرِ
و هرمَ بائساً ربيعُ العطاءْ
فتحوّلَ إلى كابوسِ رعبٍ
من الثلجِ و الرّعد في الشّتاءْ
نفثتِ الحقيقةُ صبرَها
فلم يلتفتْ إليها العقلاءْ!
لم يكتملْ بعدُ النصابُ
لفرضِ الحكمِ في دار القضاءْ
جرأةُ الفكرِ تتلاشى
مع تعاظمِ الزّيفِ و الافتراءْ
منارةُ الخيالِ تُعتمُ
في جوّ البغي و طقسِ البلاءْ
كواكبُ العمرِ تساقطتْ
و لمعتْ كواكبُ أخرى في أسماءْ
انغمسَ الكلُّ في ترّهاتِ
الانتقاءِ و الاشتهاءِ و الابتغاءْ!
كانَ كلُّ شيءٍ وهماً
تبدّد على سفرةِ التعساءْ
حُجُبٌ مزريةٌ زخارفُ
منمّقةٌ فارغةٌ جوفاءْ!
تحوّلتِ "الحيواناتُ" بحكمِ
عجرفةِ المكرِ و خبثِ الرّياءْ
إلى مصدرٍ من التقييمِ
و الإيمانِ بعظمةِ الأشياءْ.
العبادُ مَنْ همُ العباد؟
قومٌ بؤساءٌ أذلاّءْ
لم ينجدهم جنونُ الرّسلِ
و الأنبياءِ و الأئمةِ و الخلفاءْ!
كما لن ينجدْهم ندبُ
الحظوظِ و نشرُ أدعيةِ البكاءْ.
أبوابُ الأرضِ مقفلةٌ
و كذلكَ أبوابُ السّماءْ
كيفَ نشقُّ طريقَنا على
هدي الرّوحِ بكلّ مضاءْ؟
قد نكونُ طبولا فارغةً
أو رؤوساً أو بعضَ أشلاءْ
لكنّنا سنغدو في لحظةٍ باهرةٍ
من الزّمنِ مدوّنةً عصماءْ
و قد يسخرُ منّا قومٌ لأمرٍ
و قد يعظّمُ مقامَنا العظماءْ
نرسمُ سُبُلَ الفرحِ
و نمتشقُ المحبّةَ بلا رياءْ
لا السّيفُ أسعفَ الحياةَ
و لا الفتكُ و لا الاعتداءْ!
نداءٌ هامسٌ رقيقٌ
شاعرٌ من التسامحِ شاءْ
و أعلنَ ميلادَ السّلامِ
و أفرزَ لكلّ علّةٍ دواءْ
ستنتصرُ إرادةُ البقاءِ
و يردّدُ صداها النداءْ
لأنّ في قلوبنا رحمةُ
المعرفةِ و رائحةُ الذكاءْ
لن تشغلنا المناصبُ
و هي تتلألأ في الظلماءْ
سنكرزُ مع (يوحنّا)
لنعمّدَ الحقيقةَ بالبناءْ!