عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-10-2009, 09:43 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,934
افتراضي

الأستاذ الكبير وحيد, إن هذا المقال, بل هذه الصرخة المدويّة لهي صيحة حقّ و تعبير بليغ عن مدى الإحباط الذي وصلت إليه شعوبنا في الوقت الحاضر. لقد تناولتَ الأوضاع و التطورات و الأحداث و خلفياتها و دواعيها و مسبباتها بعين الدارس المتفحص و الخبير العارف بالأمور. سعدتُ كثيرا بهذه التغطية الحيّة لما هو عليه واقع الحال بين أبناء شعبنا و دعني اليوم اقول و بكل أسف (شعوبنا) لقد اصبحنا أكثر من شعب و أكثر من قومية و أكثر من لغة, بل و أكثر من تراث و تاريخ و حضارة الخ.
يحضرني في هذه المناسبة أن أعود قليلا إلى لحظات من الماضي غير البعيد لشعبنا الأزخيني الذي كان يسكن في بلدة آزخ (تركيا) فهذا الشعب البسيط كان مؤمنا بضرورة وجوده و بحتمية الدفاع عن مصيره, متى كانت هناك أخطار خارجية (و كم كانت في تلك الأيام من أخطار خارجية كثيرة و مختلفة استهدفت كيان هذا الشعب و وجوده و مصيره) هذا الشعب البسيط عندما كان يتهدده الخطر الخارجي من الكرد أو الترك كان يقف وقفة رجل واحد, تزول الفوارق و يختفي الشعور العشائري و البيوتاتي الضيق و كانت تغلب مشاعر الانصهار و الوحدة و التلاحم, إلى درجة أنه كانت تفتح أنفاق و كوات تصل بين البيوت لتسهيل عملية الانتقال من جهة و من جهة أخرى لكي لا تظهر لأعين العدو المهاجم الترتيبات و الاجراءات التي يتخذها شعب آزخ بقصد الحماية و الدفاع عن نفسه. إذاً كانت الصورة مشرفة و جلية و واضحة و هي أن المصلحة العامة كانت توضع قبل اي اعتبار آخر. لكن حين كانت تهدأ الأمور, و تزول الأخطار الخارجية التي تهدد الشعب الأزخيني, فإن هذا الشعب الذي كان بيتا واحدا في ظروف عصيبة, ينقسم على ذاته و يختلف عشائريا و يتناحر و يتخاصم و يعادي كل الآخر’ حتى و أخطر من ذلك فإن في العشيرة الواحدة كانت تظهر خلافات على الزعامة و غير ذلك من الأسباب التافهة و غير المعقولة أو المقبولة.
أرى أن أقول هنا السبب الذي ضربتُ به هذا المثل عن بلدتي المجاهدة آزخ في تركيا لأقول: إن الشعب الأزخيني كان بسيطا و لم يكن متسلحا بأسباب العلم و المعرفة, لذا فالذي أفهمه بأن عناية ربانية كانت تدعو هذا الشعب إلى مثل تلك الوحدة و التلاحم و الانصهار في بوتقة الواحد. لكن ما يحصل في عراقنا الحبيب بلد الآشوريين و الكلدانيين و السومريين و البابلييين و الأكاديين يعطي صورة غير مشرفة و غير مقبولة مطلقا لما هو عليه حال شعوبنا من التفرقة و الخلافات و نشر الكراهية و الضغينة و الأحقاد و هو ما يتعارض تماما مع روح التعليم المسيحي و نصوص الكتاب المقدس الذي نؤمن به جميعا. كان الشعب الأزخيني يشعر بالخطر الخارجي, فيسعى إلى تدارك هذا الخطر و العمل على وقفه أو إزالته, بيد أن شعوبنا السريانية المتواجدة اليوم في العراق لم تصل على الرغم من جميع اسباب الثقافة و التحضر و العلوم و التطور الفكري إلى ما كان وصله الشعب الأزخيني البسيط في آزخ. إن شعوبنا السريانية في العراق ترى بأنها مستهدفة في مصيرها و وجودها من أكثر من جهة في العراق و على الرغم من ذلك فإنها تستمر في تأجيج خلافاتها بدلا من إزالتها و في تعميق مشاعر التنافر و الكراهية بدلا من إحلال المحبة و التوافق و السلام بينها لتقوم بعمل مشترك يثبت وجودها و يقويها في هذا المحيط المتربص بها. إني أقرأ مقالات من هنا و من هناك لمختلف أبناء شعبنا و يحز في نفسي أن أرى هذه الهوة السحيقة و هي تكبر يوما بعد يوم بين هذه الشعوب بدلا من أن تكسر هوّتها لتبنى جسور الثقة و التفاهم و المحبة.
إن الرب يسوع يرى كل شيء, و شعوبنا لم تعد بسيطة فهي تدرك الكثير مما يجري’ و هي بهذا لن ترجم المجرمين و المخربين و المتآمرين و الجواسيس و الخونة الذين لا يريدون الخير لهذه الأمة التي كانت واحدة و التي من المفروض أن تعود لتصبح من جديد أمة واحدة تكتب لها في سفر الحياة كلمة شرف و عزة و مجد. شكرا استاذ وحيد لقد أثرتَ جروحي و فتّقتها فهي كانت اندملت بعض الشيء. الرب يعين شعبنا و كنيستنا و تاريخنا من المستهترين و المتلاعبين بمصيرهم. و دعني أقول في الختام: إنها بلبلة مصالح, و ليست بلبلة ألسنة!!!؟؟؟
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس