تحاشى المسلمونَ
تحاشى المسلمونَ الاعترافَ
بأنّ فتحهمْ كان احتلالا
و أنّ ظلمَهم عمّ و سادَ
بأرض اللهِ و استشرى وبالا
و أنّ جهلَهم أمسى حديثاً
مدى الأجيالِ في صوتٍ تعالى
و أنّ الكفرَ و الإجحافَ كانَ
بحقِّ النّاس إذ ألقى ظلالا
من الأوجاعِ و الأحقادِ دهراً
دهوراً و هي تحكي كيفَ دالَ!
تحاشوا أنْ يقولوا بعضَ هذا
و جاؤوا الفخرَ أنْ ربٌّ تعالى
أجازَ القتلَ و التدميرَ كي ما
يفوزَ الدّينُ. إنّ اللّهَ قالَ.
أليسَ الجهلُ في هذا يكونُ؟
أما هذا غباءٌ قد توالى؟
أما هذا انحدارٌ و انحلالٌ
مع الأيّامِ فاستقوى و طالَ؟
أما هذا ادّعاءُ الزّيفِ و هو
إلى بلوى و أهوالِ استحالَ؟
تحاشَوا مهما شئتمْ أو نكرتمْ
فإنّ الفتحَ بالتّعنيفِ صالَ
و إنّ الدّينَ بالتّرهيبِ سادَ
أحقّ القتلَ و استهوى القتالَ!
و لستم يا رجالَ العُرْبِ يومَ
يُرادُ العلمُ في يومٍ رجالا
كفى تسعونَ للإرهابِ سعياً
كما قد كانَ في أمسِ المثالَ.
حفرتمْ قبركم و الموتُ آتٍ
و ذكرُ الجهلِ يبقى لن يُزالَ
يظلّ رمزكم من بعدِ موتٍ
و خيرُ الرّمزِ ما يأبى الزّوالَ!
تحاشوا ذكرَ أنّ المسلمينَ
هم استعمارُ ماضٍ قد أحالَ
وجوداً منكمُ و اللّهُ أدرى
إلى ما ليسَ أسوأُ أنْ يُقالَ!
جموعَ النّاسِ قولي ما ترينَ
أهذا الحقُّ أم بُطْلٌ أمالَ
عقولَ المسلمينَ اليومَ صارتْ
كمنْ قد شدّها خوفٌ حبالا.
أزيحي عن عيونِ الفهمِ وهماً
أجيزي النّطقَ و استوحي سؤالا
إلامَ زُوّرَ التّاريخُ حتّى
غدوتمْ في أمانيكم نِعالا؟
أفيقوا. أصدقوا قولاً فإنّ
رِهانَ الكذْبِ لن يُؤتي وصالا
و صوتَ الزّيف مهما يعلو منه
طنينٌ فارغٌ لن يُرضي حالا!
بلادُ المسلمينَ اليومَ كانتْ
بلادَ الخيرِ أنهاراً تلالا
و كانَ العلمُ يزهو في دلالٍ
و كانَ الفنُّ ممشوقاً جمالا.
أرانا اليومَ و الأعرابُ سادتْ
فسادَ البؤسُ و استشرى مجالا
و زادَ الظّلمُ والعدوانُ زادَ
و صارَ أيُّ تغييرٍ مُحالا!