احترام المشاعر الدينية تعقيبا على رسم كاريكاتوري في صحيفة الغد الأردنية بقلم الأب رفعـت بدر - عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - الاردن
حضرة رئيس تحرير صحيفة الغد المحترم،
فأرجو من باب حرية نشر الرأي والرأي الآخر، نشر التعليق التالي على صورة الكاريكاتير المنشورة في صحيفتكم يوم الاثنين 21\1\2008 . فقد تفاجأت ومعي كثيرون بالرسم الكاريكاتوري المنشور في الصفحة الأخيرة ، لما فيه من إيحاءات ورموز بالصورة ، فجاءت جارحة إلى حد كبير في مشاعر، ليس المسيحيين ، فحسب، بل من كل إنسان ذي إرادة صالحة ، يؤمن بالكتب السماوية وبكرامة الأنبياء.
أفهم أنّ الوضع الذي يعاني منه أخوتنا في غزة مؤلم للغاية وما يحدث هناك يعتبر انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان في العيش الكريم والحرية ، وهو يدفعنا إلى رفع أكف الضراعة من أجل أن يبصر الشعب الفلسطيني وكل شعوب الأرض المقهورة فجر العدالة والسلام والعيش الكريم . لكنّ استخدام الرموز الدينية لا يؤدي إلى النتيجة السامية في تصوير معاناة سكان غزة الأعزاء، بل يذهب إلى التساؤل لماذا بات سهلا جدا استخدام الرمز الديني، وبخاصة المسيحي، للتعبير عن رؤى سياسية أو غيرها. وعلى ذلك أقول:
1. لست ضد أن يذهب الخيال البشري إلى مثل هذا التصوّر في أن مدينة غزة مصلوبة وسكانها تحت آلة القمع الإسرائيلي، وإنّما ليس كل ما هو ممكن بالخيال أو بريشة فنان كاريكاتوري يحترمه الناس، أو غيره، مسموحا به أدبيا أو أخلاقيا. وكذلك ، فانّ كل ما يخدش الشعور الدينية ، وهو أقدس المشاعر البشرية على الإطلاق، يعتبر من الأمور المهينة والمسيئة. واني لا أتصوّر ديانة سماوية ، تسمح باستخدام رموزها الأكثر قدسية ، تحت ذريعة الإبداع والشعور مع شعب منكوب.
2. إنّ تمثيل الصلب والحربة والمسامير الصليب في صورة منشورة ، قد أدخلت إلى العديد من القراء مشاعر الشجب والاستنكار ، وهي لا تعبّر أبدا عن حرية الصحافة ولا حريّة التعبير، إذ من شروط هاتين الحريّتين احترام حريات الآخرين ومشاعرهم الدينية ، وألا يذهبا بالشخص المتحمّس لقضيّة ما إلى نسيان المحاذير والمنزلقات الخطرة.
3. ليس ما يطلبه الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة، من اعتذار رسمي وصريح من الزملاء في صحيفة الغد، سوى ما يدعو إليه العقل والمنطق، وأسس الحوار السليم، والاحترام الحقيقي لمشاعر من يرنون وبصدق إلى رؤية العدل والسلام يخيّمان على الأرض قاطبة .
لا أجد خاتمة أفضل ممّا جاء في مقال رئيس التحرير بمقاله المنشور يوم السبت 19\1\2008، فهو ما نرجوه في هذا المقام، اذ جاء فيه: "أن ّ قانون المطبوعات والنشر بصيغه السابقة والحالية يتضمن مادة تقول: "إذا نشرت مطبوعة صحافية خبراً غير صحيح أو مقالاً يتضمّن معلومات غير صحيحة فيحق للشخص الذي يتعلق به الخبر أو المقال الرد على الخبر أو المقال أو المطالبة بتصحيحه، وعلى رئيس التحرير المسؤول نشر الرد أو التصحيح مجاناً في العدد الذي يلي تاريخ ورود أي منهما في 'المكان' والحروف نفسها التي نشر فيها الخبر أو المقال في المطبوعة الصحافية". (جورج حواتمة،
Published: 2008-01-23