المجرم و راهبُ الدّير
قرّبتُ منهُ فما ارتاع و ما ابتعدَ
بل أبدى لطفاً و إحسانًا و قد صمدَ
حاورتُ صمتي على مهلٍ أقلّبُهُ
حتّى استعدّ على نجوايَ و اجتهدَ
كالأمنياتِ لها حلمٌ يراودُها
ما زالَ حلمي على نارٍ و ما بردَ!
أقضي حياتي كما أهوى و مبتعداً
عن كلّ سوءٍ يغيظُ الواحدَ الأحَدَ.
قرّبتُ منه, و كان الشّيبُ كلّلهُ
شاهدتُ هذا و قلبي إنّما شهدَ
عيناهُ كانتْ على طيبٍ تلاحقني
في كلّ رفقٍ تسوقُ الوعدَ منفردا.
قرّبتُ منهُ و قلبي خاشعٌ فَرِحٌ
قبّلتُ خدّاً بإخلاصٍ و ثمّ يدا
لم أُبدِ خوفاً فمنّي النفسُ هادئةٌ
و الفكرُ صاغَ بيانَ الصّمتِ و اعتمدَ.
أطرقتُ أصغي لأقوالٍ يفوهُ بها
و الطلُّ يهطلُ من ألفاظِهِ و ندى.
رطّبتُ روحي و قلتُ واثقاً: أبَتي!
زِدني حديثاً فإنّ العقلَ قد حصدَ
من كلّ وعظٍ أتيتُ اليومَ فائدةً
يا ليتَ عمري أعيشُ العمرَ مجتهدا
فاليأسُ ولّى و همّ الكونِ لم يعدِ
من شأنِهِ الشأنُ إذْ وهماً أراه بدا!
طفلٌ بعمقي و قد أشرقتَ مبسمَهُ
بالنّور علماً و إيماناً و قد سجدَ
للّهِ حبّاً, لربِّ الكونِ يعبدُهُ.
شكراً لعقلي الذي ألقاه قد رشدَ!
يا راهبَ الدّيرِ قد أشبعتني أملاً
أحببتُ روحي فعشتُ الحبّ متّحدا
اللهُ ربّي و إيماني به أملي
منه الرجاءُ الذي ألقاهُ معتَمَدا
أنقذتَ نفسي من الآثامِ يا أبتي!
صلّي لأجلي لكي لا أعتدي أبدا.
أقسمتُ أنّي سأبقى عندَ وعظتِكَ
أستلهمُ الخيرَ لا أستحقرُ أحدا!