مَرثيّتي لزهير منصورة*
اللّونُ يدمعُ و الأشعارُ تنتحبُ
و الأنسُ يبكي له طيبٌ و يكتئبُ
و الشّمسُ تهذي على ما فيها من وجعٍ
و النّفسُ يحرقُ محموماً لها سببُ
و اللّطفُ يرهفُ حسّ الشّوقِ يصهرُهُ
و الرّوحُ تبكمُ إذْ لا نكتةٌ تثبُ
قد كنتَ ظلاّ لطبعِ السّعدِ تنشدُهُ
في عزفةِ النّورِ ما قلبٌ لكَ تَعِبُ.
أمطرتَ سعداً على سعدٍ يزيّنكَ
و النّفسُ تكرمُ بالألفاظِ أو تَهبُ
يا زهرةَ الطّيبِ قد فاحتْ لك عُطُرٌ
قد ظلّ منها مدى و اللّهِ ما كَذِبُ!
أمسى (زهيرُ) شذاً, نجماً يعانقهُ
طلُّ الفكاهةِ فيما جاءهُ الدأبُ
أشبعتَ قلبنا يا دهرَ الأسى وجعاً
أنصبتَ شِرككَ زادَ الهمُّ و التّعبُ
ألقيتَ به طريحاً شئتَ تهلكهُ
جئتَ المراحلَ و الأنيابُ تغتصبُ
قد كنتَ خلّي مع الأيّامِ يجمعنا
بيتٌ لنظمٍ و أشواقٌ لها جُنُبُ
أحببتُ فيك الهوى عذباً تغرّدهُ
و روعةَ الفنّ في رسمٍ لها كتُبُ
فالاسمُ يبقى لأنّ الرّوحَ خالدةٌ
و الذّكرُ يَعطُرُ و الأجيالُ تنتسبُ.
أرثيكَ شعراً على أنغامِ قافيتي
و النّظمُ يصدحُ بالأوصافِ يلتهبُ
في كلّ حرفٍ لك نايٌ يحدّثنا
عمّا البشاشةُ كانت فيك و الحَبَبُ
فالوجهُ نامتْ و عينُ اللّه حارسةٌ
لكنّ عذبَكَ لن تغتالَهُ السّحبُ
أرثيكَ حبّاً لأنّ الحبَّ يدفعني
و لوعةُ الحزنِ لا يخبو لها لهَبُ!
* المرحوم صديقنا المعلّم (زهير كيراكوسيان) المشهور بزهير منصورة توفي في ألمانيا على إثر مرض عضال أقعده الفراش و أذاب لحم جسده الغض فصار وزنه من 120 كغ إلى 30 كغ! رحمه الله و قد عرف عنه مزاحه الكثير و حبّه لروح النكتة و لنا معه ذكريات جميلة و كل تلاميذه يذكرون له تلك الروح المرحة و تلك الاختراعات اللفظية النادرة التي كان يجود بها خيال قريحته الفكاهية في سرد يجبرك على الضحك. إنه كان إنسانا مؤدبا و محترما و محبّا رحمه الله و أعطى عائلته و أولاده الصبر و السّلوان.