[fouadzadieke]

أخي أثرو إن لواعج الحنين و الشّعور به يكاد يطغى علينا جميعا في هذه الغربة الصعبة علماً بأنّ كلّ شيء تقريباً متوفّر لنا هنا فيما كنّا في أوطاننا نحتاج إلى أشياء كثيرة و كثيرة. إنّه الصدق يا آحونو أثرو. نعم الصدق مع المشاعر الداخلية التي تنتابنا و هذا ما يراودني كل يوم بل و أحيانا لأكثر من مرة في اليوم الواحد. ثق بالله أني أفقتُ هذا الصباح لأجد أم نبيل و هي جالسة في الفراش تكتب و حين صبّحتها كالعادة بالخير و المحبة ردت عليّ بأجمل منها ثم قرأتْ ما خطر على بالها في هذا الصباح و كان شعرا عن الحنين إلى الوطن قامت بكتابته قبل قليل و كانت عذوبة كلماتها لا تقل جودة و صدقاً عن عذوبة كلماتك هذه و كذلك من جهة المشاعر. فهذا الأمر يا أخي أثرو يكاد يصبح عاديّا لدينا لأن الغربة صعبة و الحنين إلى مواطن الطفولة و أماكن اللعب و اللهو لا يمكن أن تمحى من الذاكرة علماً أننا لو عدنا و ذهبنا إلى بعض تلك الأماكن لما وجدناها لأن التعمير و غيره من المشاريع أكل مساحات كبيرة منها. بل ضاعت في زحمة الحياة و لم يبق منها شيء. فلتبقَ في ذاكرتنا على ما هي عليه من جمالية الصور خير من أن نذهب لنراها فنصاب بإحباط شديد و بخيبة أمل مريرة تكون وطأتها أقسى من شعورنا بهذه الغربة. كل المحبة و الشكر لك يا آحونو أثرو فأنت أصيل بوطنيتك و صادق بمشاعرك و هذا هو شعورنا أيضاً. نتمنى أن يتحقق حلمنا بمشاهدة بلداتنا الحبيبة ذات يوم!