عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10-05-2007, 07:50 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,155
افتراضي

أعتقد أنّني لم أخطئ عندما لخّصت شخصية الصديق و الرفيق وديع القس بعبارات قليلة ذكرتها لأخي أبو نينيب وهي: أنّ أغلبية الناس يتقاتلون ويرشون ويعملون المستحيل من أجل الوصول إلى منصب في الدولة أو أية مؤسسة يستطيع من خلالها أن يملأ جيبه و كرشه وجيب ذويه وحتى المقرّبين إليه. إنّ وديع لم يرش أحدا لكي يصل إلى رئيس مؤسسة في ديريك وهي موضع للسرقة ياااااا لطيف حدّث و لا حرج شأنها شأن مراكز كثيرة ليس للموظفين فيها من ضمير و لا أخلاق. لم يسرق وديع القس من مال الدولة بل دفع للدولة من ماله الخاص و الخاص جداً لأنه كان شريفا ونزيهاً ولم يمدّ يده للمال العام بل كان يعين كل محتاج من ماله الخاص. وفي النهاية خسر وديع القس كثيراً من المال لكنه ربح كثيراً من خلقية الحياة و من شرف الأمانة التي أوكلت له وقليلون بل قليلون جدا هم الذين يفعلون مثل هذا. هذا بالنسبة إلى مهنته ومن المعروف أن الشيوعيين كانوا دائما في صراع متواصل مع المعرفة و العلوم و الفلسفات لتقوية حججهم في النقاش وقلّما كان ينهزم شيوعي من أي نقاش يجري بينه وبين شخص آخر يحمل تفكيراً غير شيوعي. لكن وكما قال الأخ وديع فإن قيادة الحزب الانتهازيّة و الوصوليّة تلاعبت على مصير أعضائها وسعت إلى تحقيق مصالح شخصية و الاستفادة قدر الامكان من الحزب و ما يقدمه لهم من مصلحة و منفعة شخصية. وكان التلاعب يحصل جليا في إرسال الأعضاء الذين يدرسون على حساب الحزب إلى الخارج لأن قيادات الحزب و التي كانت على الأغلب غير عربية انتهزت تلك الظروف وعملت لمصالح قومية ضيقة تحت شعارات أممية وغيرها من الأكاذيب التي انكشفت. وحتى في التعيينات الحزبية لفرعية أو محلية أو منطقية.
قيادة الحزب الديكتاتورية التي فرضت نظاماً ستالينياً رهيباً على الناس وسعى إلى تقوية تيار معين في الحزب في الوقت الذي سعى إلى تقويض سلطة من أعتبره سياسيا بارزا ومناضلا صلبا و أميناً فلكونه سريانيّا تمّ اتّهامه بالقومية الآثورية وغيرها وتمّ التضييق عليه وتجريده من مسؤولياته و الوقوف في طريق وصوله إلى المركزية. وفيما كانت ثقافته معروفة لدى الجميع فإن الذي تسلّم قيادة منطقية القامشلي لم يكن يعرف تكوين جملة إنشائية, ومن النكت المعروفة عنه في أحد مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفييتي حضر ممثلا عن الحزب الشيوعي السوري و في خطابه الشهير و أمام عدسات الكاميرات و الوفود عالية المستوى قال وهو يتفاخر: إنّ حزبتنا... لم يكن يعرف المذكر من المؤنث.
وفي تلك الفترة العصيبة من حياة الحزب في ديريك لم يكن سوى حزبان في ديريك الحزب الشيوعي القوي و الحزب القومي السوري المنافس له فيما لم يكن للبعث أي وجود شعبي أو تأثير كما لم يكن لحزب أكرم الحوراني وغيره من الاشتراكيين العرب تأثيرا كبيرا إلا أنهم جميعاً كانوا أقوى من تواجد حزب البعث الحاكم. وظهرت مشاكل كثيرة في ديريك بين هذين الحزبين المتنافسين و انقسم البيت الواحد فصار منه القومي السوري ومنه الشيوعي ووقعت مشاجرات في تواريخ عدة أدت إلى إصابات بالغة و إلى توتّرات شديدة على الساحة السياسية في البلد. وكان الرفيق المسؤول في ديريك قد أمسك الحزب بقبضة حديدية وكان الالتزام قوياً و الإيمان عميقاً و التضحية سريعة و الواجب أمانة إلاّ أنّه أخطأ هو الآخر بدوره لكن الخطأ الأكبر كان من القيادة العليا للحزب.

أما معرفتي بعائلة بيت القس فهي قديمة العهد فقد كنت صديقاً لكريم أفرام القس وهو والد الممثل الأزخيني السوري المعروف وكنت ولا زلت صديقاً لنعيم بولس القس وهو الشقيق الأكبر للصديق وديع وحيث يقيم بالقرب منا هنا وقد شاركنا في جميع مناسبات الزواجات والولادات والخطوبات لولده باول وبناته. كما كانت لي علاقة عميقة مع المرحوم والده وهو بولس حنا القس وكان الوحيد من بيت حنا القس الذي يجيد القراءة والكتابة وهو كان كاتب أبيه وحافظ أسراره وكتبه وحافظ رسائله. وقد حصلت على معلومات كثيرة عن آزخ من المرحوم كما كانت تجمعني مع المرحومة زوجة قرياقس حنا القس وهي زوجة عم الأستاذ وديع صلات بهدف جمع معلومات عن شخصيات آزخ وتواريخ وكذلك عن أسرة بيت القس وقد استفدت منها بشكل كبير. أما علاقتي بالعم المرحوم لحدو حنا القس وهو عم الأستاذ وديع فحدث ولا حرج فهي كانت وثيقة الصلة ودائمة إن لم أقل شبه يومية وقد أفادني كثيراً جداً فيما يخصّ تواريخ آزخ وأحداثها وأديرتها و لهجتها وكانت علاقتي مع ابنه جورج جيدة وقديمة واستمرت لغاية تواجدي في ديريك.

أما فيما يخصّ الأستاذ وديع ككاتب و شاعر فأعتقد جازماً أن لديه مخيلة رائعة ولغة سهلة و محبوبة إلى القلب وتأثيره على قارئه كبير لما في طبعه من الهدوء و اللين على الرغم مما اكتسبه من قسوة الحياة من الحزب الشيوعي وحيث كنا رفاق درب لزمن طويل.
عندما أقرأ لوديع أحسّ أنّني أمام عنفوان متمرّد بما يحمله من كمّ عظيم من الزّخم والرغبة في التعبير والانطلاق. لا أريد أن أطيل أكثر كي لا أفقد المقابلة وهجها الجميل ورونقها البهي بما جاءت عليه من حلة قشيبة راقية قريبة من القلب و العقل و الفهم. ولن نستوفي الموضوع حقه ما لم نطبع قبلة شكر عميقة على خد أستاذنا الكبير أبو نينيب لهذا الجهد الكبير والجميل الذي قدمه لنا من خلال هذه المقابلة و ما سبقها ليعرّفنا على رجالاتنا و أصحاب أقلام يجدر بنا أن نكرّمها لما تقدمه من خير للبشرية و لأمتنا السريانية المجيدة. كل المحبة و الشكر لكما أخي وديع وآحونو أثرو فقد كنت بارعا كعادتك واستطعت أن تغوص و تغوص وتجعل متحدثك ينسى نفسه فينزلق لسانه بما لم يكن يريد البوح به لو كان على كامل حريته وهدوئه.
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 11-05-2007 الساعة 06:27 AM
رد مع اقتباس