شدني موضوع نهاية عام حيث شمعة تنطفئ وتودعنا وعام يأينا بكل المجهول ونبدأ نسأل أنفسنا هل أجدنا الصواب أم أننا أخطأنا بعلاقاتنا مع أقرب الناس إلينا أنت وأنا وهم وهــن في محكمة التاريخ نتسأل عما مضى ومما قادم وهل القادم أعظم .
كل عام وأنتم بخير وتعالوا نتغير
وأقبل بالخيرعام جديد.. عام نضيف فيه إلى أعمارنا أوننقص ، نضيف عمقاً ومعنىً لإعمارنا أو نقف عاجزين ، ولعمري إن عمر العاجز هو عمر ناقص. أقبل عام جديد تجري فيه سنن الله الثابتة في الكون ككل عام ، وأكبر هذه السنن والثوابت هو التغيير؛ فالتغيير حاصل رضينا أو أبينا، باختيارنا أو بغير اختيارنا، والتغيير حاصل، بارادتنا أو رغماًعناا..
فتعالوا نتغير..
تعالوا نتغير باختيارنا.. تعالوا نتغيربارادتنا
تعالوا نجعل عام 2006عام نبدأ فيه رحلة التغيير نحو الأفضل .. تعالوا نتغير لنجعل عام 2006عام المباديء ، عام نجعل فيه الأبيض أبيضاً والأسود أسوداً، عام نصحح فيه خرائطنا الذهنية فنستمع فيه أكثر، ونفهم فيه أكثر، ونتبصر في حياتنا وأحوالنا أكثر، عام نغير فيه سلوكنا وأفعالنا .
وحتى تعرف السعادة الحقيقة في حياتك أجبني : ما هي أهدافك في الحياة ، ما هي أولوياتك ، من هم أهم الناس في حياتك ، كيف تخطط لحياتك ، أين تركز اهتمامك، وقتك ومالك وجهدك بيروح فين
تعالوا نتغير .. تعالوا ننظر إلى أحوال أسرنا وعائلاتنا ، تعالوا نجعل علاقاتنا الأسرية وثيقة وحميمة، ونوجد جو الحب من جديد داخل بيوتنا. الأمر ليس بتلك الصعوبة .. كل المطلوب هو ترتيب بسيط في حياتنا، أن نخصص ستة أيام في الأسبوع لأسرنا ويوم واحد فقط لاصدقاءنا..تعالوا نمضي أوقاتاً أكثر مع زوجاتنا ونستمع إلى أبناءنا.. تعالوا نهتم بشئون أسرنا .. ونبذل جهداً أكبر لتربية أبناءنا وتوجيه سلوكهم .. نتعرف على أبناءنا: ماذا يريدون ، كيف يفكرون، ماذا يقرأون ، ماذا يشاهدون. تعالوا لا نسمح لصغارنا بمشاهدة ما يصح وما لا يصح .. وسماع ما يصح وما لا يصح. تعالوا نتبصر فيما يتعرض له أبنائنا يومياً ؛ ما القنوات التي يشاهدون وما البرامج التي يتابعون ، ماهي مواقع الانترنت التي يدخلون إليها، وما الكتب والمجلات التي يقرأونها. تعالوا نعرف أين يقضي أبناءنا أوقاتهم ومع من. تعالوا نخصص أوقاتاً للأسرة لنجلس مع بعضنا ونستمتع ببعضنا ونحس ببعضنا ونهتم ببعضنا، بدل أن تسلبنا القنوات الفضائية أحب الناس إلينا. تعالوا نتعرف على مدارس أبناءنا لأن بعض الآباء لا يعرفون مدارس أبناءهم، ولا في أي مرحلة يدرسون، تعالوا نشرف على دراسة أبناءنا ونعلمهم الإعتماد على أنفسهم بدل الإعتماد على الدروس الخصوصية والتي تكلفنا الكثير والكثير ليست الحياة دومــاً الركض خلف المال نترك القليل القليل لأهلنا ونتواصل مع عواطفنا ونغذي أنفسنا نحن الشرقيين بنار العاطفة التي لايمكننا أن نستغني عنها أبداً فالشرق يبقى شرقاً له شجونه والغرب له خصوصياته .
تعالوا نتغير .. ونصطحب أبناءنا إلى الكنائس ونلغي عادة ان يذهب الأب يوم الأحد والاعياد وأبناءه يغطون في نوم عميق بعد سهرة السبت . تعالوا نعلم أبناءنا محبة دينهم ومحبة وطنهم ومجتمعهم وأهلهم ، تعاولوا نعلمهم معنى الوطنية والانتماء، ومعنى الهوية والشخصية والتميز، ومن هو القدوة التي يجب أن يقتدوا بها، بدل أن تسرق منا القنوات الفضائية أبناءنا وتحولهم إلى غرباء (في الشكل والمضمون ) يعيشون بيننا.
تعالوا نتغير .. وقولوا لي بالله عليكم: لماذا يحتاج الأب الذي لديه ولد أو ولدين إلى سائق، السائق يا سيدي يكلفك على الأقل 25 الف ريال في السنة وأنت لديك فقط ولدين أو ثلاثة توصلهم إلى المدرسة صباحاً وتعيدهم إلى البيت ظهراً، ومعروف أن الدوائر الحكومية تسمح لك بالخروج مبكراً لهذا الغرض إذا كنت موظفاً حكومياً، أما إن كنت من أصحاب الأعمال الخاصة ، فالأمر كله لك.
أذكر أننا كنا خمسة أولاد وأربع بنات وأننا كنا في مدارس مختلفة ، وأن الوالد رحمه الله .. كان يأخذنا ويعيدنا من وإلى المدرسة كل يوم، فما الذي يمنعك أن تخصص مشوارين لأطفالك ومشوارين لزوجتك ومشوارين لاحتياجات المنزل ، وتوفر على نفسك مبالغ كبيرة في السنة؟.
تعالوا نتغير.. ولا نترك زوجاتنا وبناتنا يرجعن من حفلات الزفاف وهن بكامل زينتهن مع السائق وحدهن ، تعالوا نحتكم إلى المباديء؛ أليست هذا بطر ما بعده بطر ، تعالوا نسأل أنفسنا؛ لماذا تحتاج المتزوجة حديثاً أو أم الطفل والطفلين إلى شغالة هل هي تربية الدلال التي نشأت عليها، أم هي الوجاهة الاجتماعية تعالوا نؤدي الأمانة ورسالة الحياة على أكمل وجه.
تعالوا نتغير.. ونعيد حقوق الجار إلى حياتنا ، تعالوا نرجع إلى المرحلة التي كان الجار فيها يعرف سابع جار له ، بالله عليك من هو جارك اليوم ، هل تعرف من هو ، متى آخر مرة طرقت بابه أو طرق بابك هل تسمح لجارك أن يوجه أبناءك إن أساءوا ، وهل تجده بجانبك إن احتجت إليه
تعالوا نتغير.. ونعيش المبادئ السامية . متى آخر مرة زرت فيها والديك ومتى آخر مرة زرت أقاربك كيف هي صلة الرحم عندك وثيقة أم مقطوعة تعالوا نجير هذا المبدأ إلى المسئولين في القطاع الخاص ونذكرهم بأن أبناءنا الذين يسهرون على أرصفة الطرق أو على مقاعد المقاهي، أولى بالوظائف من المتعاقدين، وأن الاستثمار فيهم حماية للوطن ودرع للمستقبل.
تعالوا نتغير .. ونعامل الناس بأدب وتواضع واحترام ، ولا نقيس الناس بدينهم وأخلاقهم، ولا بثمن الخاتم، أو الساعة ، أو السيارة التي يركبون، أو المنصب الذي يشغلون. تعالوا نترفع عن المظاهر الاجتماعية الجوفاء، ونرفض أن نثقل كاهلنا بالديون حتى نقلد فلان الذي أقام زواج ابنته في هذا الفندق الراقي، أو نفعل مثل فلان الذي اشترى طقم صالون الجلوس من ذاك المعرض الفخم.
تعالوا نتغير.. نتسامح، ونتصافح، ونفتح صفحة جديدة مع انفسنا ومع من حولنا ، ونلغي الكره والغل والحسد، ونتوقف عن النميمة وتصيد الأخطاء. تعالوا نتعامل بمحبة ونتقبل بعضنا ونقوّم أخطاءنا بالرفق واللين، تعالوا نعيش " إن لم يسعد الحال، فليسعد النطق".
تعالوا نتغير .. تعالوا نذكّر معلمينا أننا اشتقنا لقول الشاعر : قم للمعلم وفه التبجيلا.. تعالوا نجعل مدارسنا محراب علم يجل فيه العالم، ويتأدب فيه الطالب، ويسوده أرقى مستوى من العلم والخلق والأدب وحسن التعامل.
تعالوا نتغير .. تعالوا نحترم أخلاقيات البيئة التي نعيش فيها، نحترم أخلاقيات البيت ، وأخلاقيات الشارع ومكان العمل. تعالوا نحافظ على الحدائق والملاهي ونعلم أبناءنا عدم تخريب المرافق العامة، ونعلمهم معنى التحضر والمدنية.
تعالوا نتغير .. تعالوا نتعلم عدم التنازل عن حقوقنا، تعالوا نتعلم كيف نوازن بين الشجاعة عند المطالبة بحقوقنا ومراعاة مشاعر الآخرين عند التعامل معهم، تعالوا نتعلم كيف نستمد قوتنا من ثقتنا في أنفسنا وجدارتنا بثقة الآخرين بدلآ من وضعنا الوظيفي أو المادي أو الاجتماعي، تعالوا نعلم المسئولين عن تقديم الخدمات لنا، أن دولتنا حريصة علينا، وأنهم ما وضعوا في هذه المناصب إلا لخدمتنا، تعالوا نعلن إنتهاء زمن أمن فيه العقوبة من أساء الأدب، تعالوا نقول للمسئولين الذين يقابلوننا بوجوه متجهمة ويخاطبوننا بنبرة فوقية أننا لا نطالب إلا بحقوقنا، وأننا نرفض هذا التعامل، وأننا كرهنا ثقافة " تعال بكره " حد المقت، وأن أكثر ما نكره هو ذلك الملف العلاقي الأخضر الذي لا يزال يحتفظ بأهميته ويحتل مكانته في دواليب إدارات المرافق العامة. تعالوا نعلمهم أن العدل كله والوطنية كلها في أن يعاملوننا كما يحبوا أن يعاملوا، تعالوا نعلمهم أنهم لم يوضعوا حيث هم إلا لخدمتنا .. وخدمتنا .. وخدمتنا، وأنهم إن لم يخدمونا كما يجب ، سنرفع أصواتنا عالية إلى من يسمعها.
تعالوا نذكر أنفسنا بذلك، وأن الله سيرى ماذا عملنا في هذا العام، وهل نفذنا أمره ، هل غيرنا أفكارنا وسلوكنا و حياتنا تعالوا نتذكر أننا سنرد إلى عالم الغيب والشهادة فينبئنا بما كنا نعمل في هذا العام، أختم هنا وأنا أسأل: هل سيأتي العام القادم فأكتب لكم لأهنئكم بالتغيير الإيجابي في حياتكم، أم أن الحال سيبقى على ما هوعليه من السلبية، وأن ليس بالإمكان أفضل مما كان ؟ هل ستجد سطوري صدىً وآذاناً تسمع، وهل هناك من يستمع القول فيتبع أحسنه ؟
وأعود فأسأل كل واحد منا : ماذا تود أن تقرأ عندما يقال لك : " إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا"
نقلها بالتصرف : نبيل يوسف دلالكي