المقامة اللبنانية ( 2 )
حدثنا كوفي بن عنان السكرتير العام لمجلس الأمن و الأمان عن الأزمة المتفاقمة في لبنان والحرب التي هدمت فيه العمران ولم ترحم من شعبه إنسان ، قال :
كنّا بالأمس في مجلس الأمن مجتمعين و لجلسة طارئة ٍ مدعويين و حول طاوتنا المستديرة متسمّرين، و ذلك بعد ما بلغنا من أنباء الوكالات و سمعناه من كل الإذاعات وعرضته شاشات الفضائيات عن حرب تحصد أرواح المئات وتشرد الآلاف وتدمر المنشآت وتنذر بشر مستطير آت .
بعدما روى لنا مندوب لبنان الفاجعة و قلبه يعتصر حزنا ً وعيونه دامعة ، توسل من المجلس إيجاد طريقة ناجعة تسكت المدافع ، وتُبعِد المكروه وتجلب النافع ، لشعب ٍ سأم الحرب ولا ذنب له في كل مايحصل من ضرب .
صفقنا طويلا ً ونحن واقفين لكلام هذا المندوب المسكين فبلده جريح ٌ تحت السكين و ما من نصير ٍ له أو حتى معين يوقف زحف اليهود و تجاوزهم لكل الحدود لينتقموا من عدوهم اللدود، الذي من أجل بضعة مساجين زاد من بلة الطين وخلط الشك باليقين مما وفر لإسرائيل الذريعة لتستبيح القانون و تخرق الشريعة .
انهمكنا في جدول الأعمال لتقصي الحقائق ومعرفة الأحوال أملا ً في أن نجد جوابا ً على كل سؤال ، لكن ما عقد الأمور وجعلنا في حلقة مفرغة ندور عن حل بعيد غير منظور هو أن كلا ً يغني على ليلاه و يفكر بنفسه دون سواه والله يصبّر لبنان على بلواه ....
اسرائيل لن توقف إطلاق النار مالم تخرج من حربها بانتصار و تفرض شروطها على الجار ، تدعمها في ذلك امريكا وهي على مجلس الأمن مليكة و معها لندن على الخط دائما ً شريكة ، تفصّلان قراراته على المقاس لأن ما تريدانه هو الأساس بعد أن فقدت أوروبا الإحساس ، أما موسكو فمنذ أن خسرت دورها وهي لا حول ولا قوة لها ليس لكلمتها أي صدىً أو طنين تشبها في ذلك بكين
بعد اجتماع دام لساعات فشلنا بعده في اتخاذ أية قرارات لم يتبقَ لنا سوى اللعب على الكلمات ، فخرجنا جميعا ً إلى الصحفيين وأسمعناهم بيانات ٍ فضفاضة و كلام ٍ رصين عن ضرورة إحلال السلام و نبذ الخلاف بين الأنام و أهمية التآلف والانسجام .
ثم عدنا الى مكاتبنا المريحة والمكيفة بعد أن بعنا للناس كعادتنا تلك الأحلام المزيفة ، أما الحرب في لبنان فمستمرة ومشاهدها متواصلة و مرّة و صرخاتُ الأبرياء مسموعة ٌ في كل وادي ، لكن لا حياة لمن تنادي .....
__________________
المهندس فادي حنا توما
|