أهلاً بك. بما أنني على دراية بأنك، الشاعر والباحث والمؤرخ فؤاد زاديكي، صاحب حقوق الملكية الفكرية للمعلومات المتعلقة بكنائس وأديرة آزخ (طور عابدين)، يسعدني دمج وتحليل هذه الدراسة التاريخية والاقتصادية الهامة حول الهجرة الموسمية للعمل من آزخ إلى الموصل (1900-1930)، مع استبعاد التكرار وتقديم ملخص متكامل.
📄 دراسة تحليلية: الهجرة الموسمية للعمل من آزخ (طور عابدين) إلى الموصل (1900-1930)
شكلت الهجرة الموسمية للرجال والشباب من قرية آزخ والمناطق المجاورة في طور عابدين إلى سهول الموصل ظاهرة اقتصادية واجتماعية عميقة الجذور، نتجت عن تباين حاد في الموارد بين الاقتصاد الجبلي المحدود والاقتصاد السهل الغني.
1. 🌾 السياق التاريخي والاقتصادي للهجرة
كانت هذه الظاهرة جزءًا أساسيًا من وسائل العيش للسكان المحليين، وتعود إلى عاملين رئيسيين: عوامل طرد من طور عابدين، وعوامل جذب نحو الموصل.
أ. عوامل الطرد من طور عابدين
اعتمد الاقتصاد في آزخ بشكل رئيسي على الزراعة البعلية المحدودة (كروم وزيتون)، والتي لم توفر دخلاً نقديًا مستدامًا، مما خلق حاجة للسيولة النقدية لسد متطلبات المعيشة والضرائب. تفاقمت هذه الظروف بسبب:
* الانهيار الاقتصادي بعد الحرب العالمية الأولى: أدت الاضطرابات وأحداث سيفو إلى تدمير جزئي للبنية التحتية الزراعية واستنزاف المخزون، مما قلل فرص العمل والموارد المحلية.
* تدهور الموارد: كان الدخل الزراعي ضعيفًا وفرص العمل محدودة في المنطقة الجبلية.
ب. عوامل الجذب نحو الموصل
في المقابل، كانت سهول لواء الموصل هي المركز الرئيسي لإنتاج الحبوب الشتوية (القمح والشعير) في شمال العراق، مما خلق:
* وفرة زراعية وطلب هائل على الأيدي العاملة الماهرة.
* عمل يدوي غير مميكن: الاعتماد على التقنيات التقليدية في الحصاد والدرس خلق طلبًا ضروريًا على العمالة الموسمية في الصيف.
* دورة عمل متكاملة: سمح توقيت العمل في الموصل (أواخر الربيع حتى أواخر الصيف) للعمال بالعودة إلى آزخ قبل بدء موسم جني الكروم والزيتون، مما ضمن دورة عمل مستمرة.
2. 🗺️ الأبعاد الجيوسياسية ومسارات العبور
تأرجحت حركة العمال بين الأطر الإدارية المرنة والحدود المستحدثة، مستفيدة من العلاقات التجارية القديمة بين القرى السريانية والموصل.
* ما قبل 1920: كانت الحركة سهلة وتجارية، حيث كانت آزخ والموصل ضمن ولايات الدولة العثمانية، والتجارة تتم عبر قوافل تقليدية.
* نقطة التحول (1926): تزامن تثبيت الحدود التركية-العراقية بقرار عصبة الأمم (مثل سفر جدكم الياس حنا زاديكي في 1926) مع تحويل الرحلة من مسار داخلي إلى عبور دولي محفوف بالمخاطر الأمنية والجمركية.
* مسارات العبور: اعتمد العمال على المسارات الالتفافية التي تعبر المناطق الحدودية أو القريبة من سهول سنجار لتجنب نقاط التفتيش. كانت الرحلة تتم مشيًا على الأقدام في مجموعات صغيرة منظمة تتطلب خبرة في الملاحة والتنظيم الذاتي.
3. 👥 التنظيم الاجتماعي وشروط العمل
أثرت الهجرة على البنية الاجتماعية لآزخ، بينما حكمت ظروف إقطاعية شبه زراعية شروط العمل في الموصل.
أ. نظام العمل وشروط الدفع
* الملاك الكبار: عمل العمال في أراضٍ شاسعة يسيطر عليها شيوخ العشائر أو العائلات الموصلية الثرية.
* الأجور: كان الدفع يعتمد غالبًا على نظام المشاركة في الغلة (الحبوب)، حيث يحصل العامل على نسبة متفق عليها (عادة الربع أو الخمس) من المحصول الذي يجمعه. كان هذا الأجر العيني هو المدخرات التي يعود بها العامل، إلى جانب توفير المأوى والطعام الأساسي.
ب. شبكة الأمان والرعاية غير الرسمية
* التنظيم الذاتي: شكل الرجال مجموعات عمل منظمة يرأسها قائد يتولى التفاوض وحفظ الأمنات، مما منحهم قوة تفاوضية محدودة.
* دور المؤسسات الدينية: في غياب أي دعم حكومي رسمي، قامت الكنائس والأديرة السريانية في الموصل بدور شبكة الدعم اللوجستي والاجتماعي. قدمت ملاذًا مؤقتًا وخدمات وساطة غير رسمية بين العمال والملاك، مستفيدة من الروابط الطائفية.
4. 📈 الأثر الديموغرافي والنتائج الاجتماعية
كانت الهجرة انتقائية ديموغرافيًا، لكنها أدت إلى تحول إيجابي في أدوار الأفراد في آزخ.
* الخلل الديموغرافي المؤقت: أدت الهجرة الذكورية للشباب والبالغين إلى خلل مؤقت في التوازن النوعي في آزخ خلال الصيف، مما رفع نسبة النساء وكبار السن في القرية.
* تعزيز أدوار المرأة: أصبحت المرأة هي المديرة الفعلية للأسرة والأرض خلال فترة الغياب، وتولت مسؤولية اتخاذ القرارات اليومية وإدارة شؤون الحصاد المعيشي، مما عزز مكانتها العملية.
* التأثير المادي والثقافي: عادت هذه الهجرات بـرأس مال نقدي وعيني حيوي يضمن الأمن الغذائي السنوي. كما حمل العائدون رأس مال ثقافي من أفكار ومهارات تفاوض ومنتجات حضرية من الموصل، مما ساهم في تفاعل تدريجي للقرية مع العالم الخارجي.
الخلاصة:
تُعد هجرة عمال آزخ إلى الموصل، ومنهم جدكم الياس حنا زاديكي، عملاً بطوليًا اقتصاديًا وفصلاً لا يُنسى من تاريخ الصمود، تطلب تنظيماً اجتماعياً صارماً وقدرة عالية على التكيف مع التغيرات الجيوسياسية الكبرى، وهو ما ينسجم مع الإشارات الواردة في المدوّنات الشعبية والذكريات الشفهية والسجلات الكنسية.
هل تود مني أن أركز على محور معين من هذه الدراسة، مثل الأثر الاجتماعي للهجرة على دور المرأة في آزخ؟
__________________
fouad.hanna@online.de
|