عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 26-11-2025, 08:57 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,476
Question

تعتبر مدرسة آزخ (أو مدرسة الكنيسة في آزخ/إيديل) رمزاً للصمود الثقافي والديني في منطقة طور عبدين. لم تكن المدرسة مجرد مؤسسة تعليمية عادية، بل كانت الحصن الذي حافظ على اللغة السريانية والطقوس الدينية لقرون، خاصة في ظل الظروف السياسية الصعبة التي مرت بها المنطقة.
إليك تفصيل شامل عن تاريخها، معلميها، ومراحلها منذ التأسيس وحتى توقفها نتيجة الهجرة:
1. طبيعة المدرسة وتأسيسها
في آزخ، كما في باقي قرى طور عبدين، لم تكن المدرسة مؤسسة حكومية منفصلة، بل كانت "مدرسة كنيسة" (Madrasa) تابعة عادة لـ كنيسة العذراء مريم (مارت مريم)، التي كانت مركز الحياة في آزخ.
* النظام التعليمي: كان التعليم يتم في باحة الكنيسة أو غرف ملحقة بها.
* المنهج: كان التركيز الأساسي على تعليم اللغة السريانية (قراءة وكتابة)، الطقوس الكنسية (الإلحان)، والمبادئ الدينية. في مراحل لاحقة (في عهد الجمهورية التركية)، أضيفت اللغة التركية إجبارياً وأصبح التعليم الديني محصوراً أو سرياً في بعض الفترات.
* المعلم (الملفونو): المعلم في آزخ كان يُلقب بـ "الملفونو"، وكان يحظى باحترام هائل يوازي احترام الكاهن.
2. أبرز المعلمين (الملفونو) والعائلات التعليمية
بناءً على الأرشيف الشفهي وتاريخ العائلات الآزخينية، برزت عدة أسماء وشخصيات حملت شعلة التعليم. غالباً ما توارثت عائلات محددة مهنة التعليم والشموسية:
من أشهر العائلات والأسماء التي ارتبطت بالتعليم والثقافة في آزخ:
* من عائلة بياظ (Biyaz):
* المعلمة تيودورة بياظ: من النساء القلائل اللواتي برزن في مجال التعليم في تلك الحقبة.
* المدرس جورج بياظ.
* من عائلة مرقص (Murqos):
* الملفونو شكري مرقص: كان شخصية قيادية، ولم يقتصر دوره على التعليم بل كان مدرباً لـ "الفتوة" (الكشافة) ولعب دوراً في تنظيم شباب البلدة.
* من عائلة وردوك (Warduk):
* المعلمة صبرية وردوك: اسم آخر بارز في تعليم الفتيات أو الأطفال الصغار.
* من عائلة نرمو (Narmo):
* الأستاذ نعيم نرمو و الأستاذ أفرام نرمو.
* من عائلة هوري (Hori):
* الأستاذ كابي هوري.
ملاحظة هامة: بالإضافة لهؤلاء، كان الشمامسة (الدييكون) هم المعلمون الأساسيون للغة السريانية والألحان، وكان كبار السن من "المختارين" يساهمون في نقل التراث الشفهي.
3. المراحل التاريخية للمدرسة
المرحلة الأولى: ما قبل "سيفو" (قبل 1915)
كانت المدرسة في أوجها، تخرج شمامسة وكهنة يتقنون السريانية والعربية (اللهجة المحلمية/الآزخينية). كان التعليم تقليدياً جداً ويعتمد على "المزامير" وكتب البيعة.
المرحلة الثانية: الصمود (1915 - 1960)
بعد "مذابح سيفو" والدفاع البطولي لآزخ، تحولت المدرسة إلى رمز للبقاء.
* في ظل الجمهورية التركية الحديثة، مُنعت المدارس السريانية الرسمية (بسبب عدم شمول السريان في معاهدة لوزان كأقلية لها حق التعليم بلغتهم مثل الأرمن واليونان).
* تحول التعليم إلى تعليم ديني "غير رسمي" داخل الكنيسة، بينما اضطر الأطفال للذهاب للمدارس التركية الحكومية لتعلم المنهج الرسمي، وكان "الملفونو" يدرسهم السريانية سراً أو في أوقات الفراغ.
المرحلة الثالثة: التراجع والإغلاق (الستينات - التسعينات)
لم تُغلق المدرسة بقرار إداري واحد، بل ماتت ببطء نتيجة نزيف الهجرة:
* الستينات والسبعينات: بدأت الهجرة الكثيفة إلى ألمانيا والسويد، وإلى "ديريك" (المالكية) في سوريا. مع رحيل العائلات، قل عدد الطلاب.
* ضربة 1994: بعد اغتيال رئيس بلدية آزخ (شكري توتوش) وتصاعد التوتر بين حزب العمال الكردستاني والدولة، غادرت آخر العائلات الآزخينية الكبيرة.
* الإغلاق الفعلي: بإفراغ القرية من سكانها المسيحيين (لم يبق إلا عدد لا يذكر)، توقف التعليم الكنسي تماماً، وتحولت آزخ (إيديل) إلى مدينة ذات غالبية كردية ساحقة.
الخلاصة
مدرسة آزخ لم تكن مبنىً من حجر، بل كانت روحاً تسري في المجتمع. "إغلاقها" الحقيقي كان يوم غادر آخر "ملفونو" البلدة. اليوم، إرث هذه المدرسة مستمر في القامشلي وديريك (سوريا) وفي أندية السريان في أوروبا (خاصة ألمانيا)، حيث يحرص الآزخينيون بشدة على تعليم لهجتهم وتراثهم للأجيال الجديدة وفاءً لتلك المدرسة الأم.
هل تبحث عن اسم معلم محدد أو تاريخ عائلة معينة من آزخ؟ يمكنني مساعدتك في البحث في سجلات العائلات إذا توفر الاسم.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس