حواريّة بينَ مُعلِّمٍ و تِلمِيذِهِ
الشاعر السوري فؤاد زاديكي
التِّلميذُ:
يا سَيِّدَ الحرفِ, يَهدِي وجهةَ السُّفُنِ ... و اللّيلُ يُسْدِلُ أثوابًا على سَكَنِي
ما النّورُ قُلْ لي متَى تُغْشَى بَصٍيرَتُنا؟ ... و هلْ نُفِيقُ، إذا ما الوعيُ فِي الوَسَنِ؟
المعلِّمُ:
كُنْ أنتَ، لا تَتْبَعِ الآثارَ في قَلَقٍ ... في العَقلِ مَنْبعُ إشراقٍ بِمُؤتَمَنِ
العِلمُ زادُكَ، فانْهَلْ من مَواهبِهِ ... لا تُطْفِئِ النّورَ، حِينَ الروحُ فِي وَهَنِ
التِّلميذُ:
لكنْ رأيتُ طُغاةَ الجَهلِ تَعبُرُنا ... كأنّنَا وهمُ فِكرٍ طَائشٍ عَفِنِ
هل نَبتغي العَدلَ في أرضٍ تُبدِّدُنا؟ ... و تَستبيحُ طُموحَ الحُرِّ بِالمِحَنِ؟
المعلِّمُ:
كُنْ صَادقَ الحُلمِ، لا تَخشَى تعثُّرَهُ ... فالمُبتَلِي هُوَ مَنْ يَخشَى مِنَ العَلَنِ
و احمُلْ بقلبِكَ شوقَ العلمِ في شَغَفٍ ... فالحرفُ يُغنِيكَ عَنْ سَيفٍ و عَنْ وَطَنِ
التِّلميذُ:
عُذرِي بأنّي رأيتُ الصّمتَ مُنتَشِرًا ... و الحقُّ يُذْبَحُ في أسَواقِ ذِي فِتَنِ
هل للكِتابِ كلامٌ بعدَ ما صَمَتَتْ ... أفواهُهُ في دروبِ الزَّيفِ و الوَهَنِ؟
المعلِّمُ:
الحرفُ حَيٌّ، و مهما اِعتَدَى زَمَنٌ ... صوتُ الحقيقةِ فينا، أحْسَنُ الحَسَنِ
هُوَ الرّفِيقُ إذا ما زَلَّتِ القَدَمُ ... و هْوَ الشّجِيُّ كَعَزفِ العاشِقِ الفَطِنِ
التِّلميذُ:
يا سيِّدَ الحرفِ، قد أَنشَدْتَ أغنيةً ... من رِقَّةٍ، كُنتَ فيها الزّهرَ بِالفَنَنِ
سأسلُكُ النّورَ، ما جَهلٌ يُعَكّرُني ... و أجعَلُ العِلمَ مِشوَارًا إلى شَجَنِي
المعلِّمُ:
بُورِكتَ يا أمَلًا، فيكَ الصّباحُ بدَا ... قد آنَ للصُّبحِ أن يَصفُو على زَمَنِ
كُنْ ناصِعَ القلبِ، لا تَرضَى دَنَاءَتَهُ ... و املأْ حياتَكَ بالأقلامِ و اللُّبَنِ
التِّلميذُ:
هذِي يدِي، فَبِهَا ما سوفَ يجعَلُنَا ... نَمضِي مَعًا نَحوَ فَجْرٍ شَامِخِ السَّنَنِ
إنّي عَرَفتُ سَبيلَ النّورِ مِنْ فمِكُم ... فالحرفُ مِيثاقُنَا الغَالِي إلى الكَفَنِ