بحرُ الأُنوثةِ
الشاعر السوري فؤاد زاديكى
بَحرُ الأُنُوثَةِ ثَائِرٌ مُتَمَوِّجُ ... وَ عَلى ضِفافِهِ شاطِئٌ مُتَعَرِّجُ
فِي اللُّجِّ تَسكنُ أُغنِيَاتٌ سِرُّها ... مَحْمُولُ وَجدِها في السُّكُونِ يُدَرِّجُ
تَهمي العُيُونُ كَنَجمَةٍ بضيائها ... وَ الصَّمتُ نَبضُهُ فِي الجَمالِ يُؤجَّجُ
لَا يُدرِكُ الغَوَّاصُ سِرَّ مَدًى لهُ ... إِلَّا إِذَا نَادَاهُ شَوقُهُ يُزعِجُ
وَ تَهُبُّ فَوقَ المَاءِ نَفحَةُ سِحرِهَا ... فَتَميدُ أشرِعَةُ الزَّمانِ وَ تُحْرَجُ
وَ الخَوفُ يَنسُجُ مِن رِيَاحِ جُموحِهَا ... رُعبًا يُحبُّهُ، فَالهَوى يَتَأرَجَجُ
مَا بَينَ جَذبٍ فِي عُيُونٍ حبيبةٍ ... وَ صُدودِ نَايٍ نَبرَةٌ تَتَوهَّجُ
هيَ لَيسَتِ المَوجَاتُ تُدرِكُ قَلبَهَا ... بَل نَارُهَا فِي عَينِ مَن يَتَفرّجُ
سِحرُ الأُنُوثَةُ، لا يُقَيَّدُ فِي يَدٍ ... بالعزفِ يصدحُ. صَوتُهُ المَتَغَنِّجُ
فِي كُلِّ خَطوَةِ مَوجَةٍ يهفُو نَدًى ... وَ إذا التَنَفُّسُ سِحرُهُ يَتَدَرَّجُ
تَختَالُ فَوقَ الجُرحِ، لَا تَدرِي بِهِ ... لَكَأَنَّهُ وردُ الأناقةِ يُنْسَجُ
تَبكِي السَّمَاءُ بِوَجهِهَا إِذْ تَغتَدي ... فَتَظُنُّهَا مِن نُورِهَا تَتَزَيَّجُ
قَد يَستكينُ البَحرُ إِن لَمَسَتْ لهُ ... روحًا و جُرحُهُ دُونَهُ لا يُفرَجُ
فَيَبوحُ مَا كَتَمَ الزَّمانُ لِمَوجِهِ ... وَ يَغِيبُ فِي حُضنِ الجَمَالِ و يَنْهَجُ
فَالأُنثى سِرٌّ، إِنْ تمرّدَ صَمتُهُ ... فَبٍهِ يُدَارَ الحُلمُ حينَ يُفَرَّجُ