[fouadzadieke]

ماذا عن خميس الأسرار؟

بقلم: فؤاد زاديكى
خميس الأسرار هو أحد أقدس الأيام في السنة الليتورجية (نظام الصّلاة و العبادة في الكنيسة) المسيحية، و يأتي في الأسبوع المقدّس، قبل يوم الجمعة العظيمة، و يُعرف أيضًا بـ"الخميس المقدّس". يحمل هذا اليوم طابعًا روحيًا عميقًا، حيث تذكّر الكنيسة فيه بالعشاء الأخير، الذي جمع الرّب يسوع بتلاميذه قبل أن يُسلَّم و يُصلَب.
في هذا اليوم المبارك، قام الرّب يسوع بعملٍ مميّز مليء بالتواضع و المحبة، إذ غسل أرجل تلاميذه. كان هذا التصرّف مفاجئًا لتلاميذه، خاصّةً لبطرس، الذي رفض في البداية أن يغسل له الرّب رجليه، لكنّ يسوع أوضح له قائلاً: "إنْ كنت لا أغسلك، فليس لك معي نصيب". بهذا الفعل، قدّم يسوع درسًا عظيمًا في التّواضع و الخدمة، معلّمًا تلاميذه أن يكونوا خدّامًا بعضهم لبعض، كما هو خدمهم بمحبّةٍ كاملةٍ.
كما شهد خميس الأسرار تأسيس سرّ الإفخارستيا (سرّ القربان المقدّس او التّناول)، حين كسر يسوع الخبز و قال: "خذوا كُلُوا، هذا هو جسدي"، ثم قدّم لهم الكأس قائلاً: "اشربوا منها كلّكم، هذا هو دمي، دم العهد الجديد"، و بذلك أعطى للكنيسة أعظم أسرارها، سرّ التناول المقدّس، الذي يعيشه المؤمنون حتى اليوم.
أمّا سبب تسميته بـ"خميس الأسرار"، فهو لأنّه شهد عدُة أسرار مقدسة، أبرزها سرّ الإفخارستيا، و سرّ الكهنوت، عندما أعطى يسوع لتلاميذه السلطان ليكسروا الخبز و يمنحوا الأسرار للشعب. كما أنّ فعل غسل الأرجل يحمل في ذاته سرّ التواضع و المحبة الإلهية.
إنّ خميس الأسرار ليس مجرّد ذكرى تاريخية، بل هو دعوة دائمة لكلّ مؤمن لعيش المحبّة و الخدمة و التُواضع، و الاتّحاد بالمسيح من خلال سرّ الإفخارستيا، الذي هو ينبوع الحياة الروحية في الكنيسة.
خميس أسرار مبارك لجميعكم