حُبُّ الذَّاتِ بقلم: فُؤادُ زَاديكِي
حُبُّ الذَّاتِ
بقلم: فُؤاد زَاديكِي
إِنَّ حُبَّ الذَّاتِ هُوَ شُعُورٌ طَبِيعِيٌّ يَجِبُ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِهِ كُلُّ إِنْسَانٍ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ الفَرْدِ لِنَفْسِهِ وَ احْتِرَامِهِ لِذَاتِهِ. وَ لَكِنَّ الأَمْرَ يَتَحَوَّلُ إِلَى مَشْكِلَةٍ خَطِيرَةٍ عِنْدَمَا يَتَجَاوَزُ هَذَا الحُبُّ الحُدُودَ المَعْقُولَةَ وَ يُصْبِحُ أَنَانِيَّةً مُفْرِطَةً، حَيْثُ يَعِيشُ الفَرْدُ لِنَفْسِهِ وَحْدَهُ دُونَ أَيِّ اعْتِبَارٍ لِلآخَرِينَ وَ لِمَشَاعِرِهِمْ أَوْ مَصَالِحِهِمْ.
إِنَّ الشَّخْصَ، الذِي يَنْغَمِسُ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الأَنَانِيَّةِ لا يُحِبُّ إِلَّا مَنْفَعَتَهُ الخَاصَّةَ، وَ يَسْعَى دَائِمًا لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ وَسَائِلِهِ، وَ سَوَاءٌ أَضَرَّ بِالآخَرِينَ أَمْ لَا. فَهُوَ لا يُلْقِي لَهُمْ بَالًا، وَ لَا يُبَالِي بِمَا يُسَبِّبُهُ مِنْ ضَرَرٍ نَفْسِيٍّ أَوْ مَعْنَوِيٍّ لِمَنْ حَوْلَهُ.
وَ لِهَذَا السُّلُوكِ أَثَرٌ سَلْبِيٌّ كَبِيرٌ عَلَى العَلَاقَاتِ الاجْتِمَاعِيَّةِ، إِذْ يُصْبِحُ هَذَا الشَّخْصُ مَنْبُوذًا وَ مَكْرُوهًا، وَ يَتَجَنَّبُهُ النَّاسُ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ فِيهِ إِنْسَانًا لَا يُقَدِّرُ أَحَدًا وَ لَا يُبَالِي بِمَشَاعِرِ غَيْرِهِ. فَالتَّعَامُلُ مَعَ شَخْصٍ أَنَانِيٍّ يَكُونُ صَعْبًا وَ مُتْعِبًا، إِذْ يَفْتَقِرُ إِلَى التَّعَاوُنِ وَ التَّفَاهُمِ، وَ يُفَضِّلُ مَصَالِحَهُ الشَّخْصِيَّةَ عَلَى مَصَالِحِ الجَمَاعَةِ.
وَ فِي المُقَابِلِ، فَإِنَّ الإِنْسَانَ المُتَّزِنَ، الذِي يُحِبُّ ذَاتَهُ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ يَكُونُ قَادِرًا عَلَى مَحَبَّةِ الآخَرِينَ وَ التَّعَامُلِ مَعَهُمْ بِاحْتِرَامٍ وَ وِدٍّ. فَهُوَ يُدْرِكُ أَنَّ الحَيَاةَ قَائِمَةٌ عَلَى التَّعَاوُنِ وَ التَّفَاهُمِ، وَ أَنَّ مُسَاعَدَةَ الآخَرِينَ وَ التَّعَامُلَ مَعَهُمْ بِإِخْلَاصٍ يُؤَدِّيَانِ إِلَى حُبٍّ وَ احْتِرَامٍ مُتَبَادَلَيْنِ.
وَ خِتَامًا، فَإِنَّ حُبَّ الذَّاتِ لَا يَعْنِي الأَنَانِيَّةَ، وَ إِنَّمَا يَعْنِي تَقْدِيرَ الإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ مَعَ احْتِرَامِهِ لِلآخَرِينَ. فَالشَّخْصُ الذِي يَتَصَرَّفُ بِأَنَانِيَّةٍ مَفْرُوطَةٍ سَيَجِدُ نَفْسَهُ وَحِيدًا، بَيْنَمَا، الذِي يُقَدِّرُ نَفْسَهُ وَ يُحْسِنُ التَّعَامُلَ مَعَ النَّاسِ سَيَكُونُ مَحْبُوبًا وَ مُحْتَرَمًا فِي المُجْتَمَعِ.
__________________
fouad.hanna@online.de
التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 03-03-2025 الساعة 02:08 AM
|