عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-11-2024, 07:15 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,032
افتراضي الآثارُ السَّلبيَّةُ للتَّرَدُّدِ بقلمِ فُؤاد زاديكِى

الآثارُ السَّلبيَّةُ للتَّرَدُّدِ


بقلمِ فُؤاد زاديكِى

التَّرَدُّدُ في حَيَاةِ البَعضِ ظَاهِرَةٌ غَيرُ صِحِّيَّةٍ، فالتَّرَدُّدُ قدْ يَقِفُ مَانِعًا في طَرِيقِ الوُصُولِ إلى الهَدَفِ أو تَحْقِيقِ المَرجُوِّ مِنَ المَسَاعِي، لِهَذَا عَلَى الإِنسَانِ أَلَّا يَضَعَ نَفْسَهُ في مَوقِفِ ضَعفٍ يَدْفَعُهُ إِلَى الوُقُوعِ في مَطَبَّةِ التَّرَدُّدِ.

إِنَّ التَّرَدُّدَ يُعَبِّرُ عَنْ حَالَةٍ مِنَ التَّخَبُّطِ وَ عَدَمِ الوُضُوحِ في الرُّؤيَةِ، فَهُوَ يُعِيقُ الإِنسَانَ عَنِ المُضِيِّ قُدُمًا بِثِقَةٍ وَ ثَبَاتٍ نَحوَ مَا يَصبُو إِلَيهِ. هَذَا التَّذَبذُبُ في اتِّخَاذِ القَرَارَاتِ يُؤَثِّرُ عَلَى حَيَاةِ الإِنسَانِ بِشَكلٍ عَامٍّ، فَهُوَ يَتْرُكُهُ في دَائِرَةٍ مُفرَغَةٍ مِنَ التَّفكِيرِ دُونَ فِعلٍ، مِمَّا يُهِدرُ الوَقتَ وَ الجُهدَ دُونَ تَحْقِيقِ نَتَائِجَ مَلمُوسَةٍ.

فالتَّرَدُّدُ يَخلُقُ شُعُورًا بِالخَوفِ مِنَ الفَشَلِ أَوِ اتِّخَاذِ خِيَارَاتٍ خَاطِئَةٍ، وَ هَذَا الخَوفُ قَدْ يُكَبِّلُ الإِنسَانَ وَ يَحرِمُهُ مِنِ استِغلَالِ الفُرَصِ، الَّتِي قَدْ لَا تَتَكَرَّرُ. كَمَا أَنَّهُ يُؤَثِّرُ سَلبِيًّا عَلَى الصُّورَةِ الذَّاتِيَّةِ لِلفَردِ، حَيثُ يَجعَلُهُ يَشعُرُ بِالعَجزِ وَ ضَعفِ الإِرَادَةِ، مِمَّا يُفَاقِمُ مِنْ شُعُورِهِ بِالإِحبَاطِ وَ الضَّيَاعِ.

عَلَى المُستَوَى الاجتِمَاعِيِّ، يُمكِنُ لِلتَّرَدُّدِ أَنْ يُضْعِفَ الثِّقَةَ بَينَ الفَردِ وَ المُحِيطِينَ بِهِ. عِندَمَا يَظهَرُ الشَّخصُ مُتَرَدِّدًا في قَرَارَاتِهِ، فَإِنَّ الآخَرِينَ قَدْ يَشعُرُونَ بِعَدَمِ الِاطمِئْنَانِ تِجَاهَهُ أَوْ قُدرَتِهِ عَلَى تَحَمُّلِ المَسؤُولِيَّاتِ. كَذَلِكَ، قَدْ يُضَيِّعُ التَّرَدُّدُ فُرَصَ التَّعَاوُنِ أَوِ الشَّرَاكَةِ المُثمِرَةِ، لِأَنَّ الوَقتَ الَّذِي يُهدَرُ في التَّفكِيرِ المُفرِطِ قَدْ يَكُونُ كَافِيًا لِغَيرِهِ لِاتِّخَاذِ الخُطوَةِ المَطلُوبَةِ.

التَّرَدُّدُ لَا يُؤَثِّرُ فَقَطْ عَلَى الفَردِ مِنْ حَيثُ النَّجَاحِ أَوِ الفَشَلِ في أُمُورِهِ الشَّخصِيَّةِ أَوِ المِهنِيَّةِ، بَلْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ لِيُخَلِّفَ آثَارًا سَلبِيَّةً عَلَى النَّاحِيَةِ النَّفسِيَّةِ، فَالشَّخصُ المُتَرَدِّدُ قَدْ يَعِيشُ حَالَةً مِنَ التَّوَتُّرِ المُستَمِرِّ وَ القَلَقِ، مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى صِحَّتِهِ النَّفسِيَّةِ وَ رُبَّمَا الجَسَدِيَّةِ أَيضًا.

إِنَّ التَّرَدُّدَ قَدْ يُصبِحُ عَادَةً إِذَا لَمْ يُوَاجَهْ بِإِرَادَةٍ قَوِيَّةٍ، وَ يُمكِنُ أَنْ يَتَفَاقَمَ لِيُصبِحَ مَانِعًا حَقِيقِيًّا أَمَامَ الإِنسَانِ في مُوَاجَهَةِ تَحَدِّيَاتِ الحَيَاةِ. لِذَلِكَ، فَإِنَّ التَّغَلُّبَ عَلَى التَّرَدُّدِ هُوَ خُطوَةٌ أَسَاسِيَّةٌ نَحوَ تَحسِينِ جَودَةِ الحَيَاةِ وَ الوُصُولِ إِلَى الأَهدَافِ المَرجُوَّةِ.

لِلخُرُوجِ مِنْ دَوَّامَةِ التَّرَدُّدِ، يَجِبُ عَلَى الفَردِ أَوَّلًا أَنْ يُحَدِّدَ أَولَوِيَّاتِهِ بِوُضُوحٍ، وَ يَضَعَ خُطَّةً مَدْرُوسَةً لِمَا يُرِيدُ تَحقيقَهُ. كَمَا أَنَّهُ مِنَ المُهِمِّ أَنْ يَثِقَ بِقُدرَاتِهِ وَ يُجرِّبَ دُونَ خَوفٍ مِنَ الفَشَلِ، لِأَنَّ كُلَّ تَجرِبَةٍ تُضِيفُ خِبرَةً جَدِيدَةً تُسَاعِدُ عَلَى اتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ أَفضَلَ في المُستَقبَلِ.

التَّرَدُّدُ لَيسَ فَقَطْ ضَعفًا لَحظِيًّا، بَلْ هُوَ حَالَةٌ مُزمِنَةٌ إِذَا مَا تُرِكَتْ دُونَ عِلَاجٍ. يَجِبُ عَلَينَا أَنْ نَتَذَكَّرَ دَائِمًا أَنَّ التَّرَدُّدَ يُضَيِّعُ الفُرَصَ، وَ الفُرَصَ كَالجَوَاهِرِ الثَّمِينَةِ لَا تَنتَظِرُ طَوِيلًا.

المانيا في ٢٣ نوفمبر ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 26-11-2024 الساعة 10:46 PM
رد مع اقتباس