مشاركتي على برنامج حديث الساعة و موضوع خريف العمر في أكاديمية رياض الشعر و الأدب تقدي
مشاركتي على برنامج حديث الساعة و موضوع خريف العمر في أكاديمية رياض الشعر و الأدب تقديم الاديبة إنصاف ابو ترابي بإشراف مديرة البرامج د. إنعام ابو سعيد و المدير العام الدكتور عدنان الطيبي و الدكتورة مها يوسف نصر
خريفُ العُمر
بقلم فؤاد زاديكى
يَعيشُ الإِنسانُ مَراحِلَ حَياتِهِ مُتعاقِبَةً كَفُصولِ السَّنَة، فَكما يَأْتي الرَّبيعُ بعدَ شتاءِ طَويلٍ، يَأتي شَبابُ الإِنسانِ مَليئًا بِالحَياةِ و التَّفاؤُلِ. فِي رَبيعِ العُمرِ، تَتَفَجَّرُ طاقاتُ الشَّبابِ، و تَزْدَهِرُ الآمالُ، و تَكونُ الأحلامُ كأَزهارِ الربيعِ تَنتَشِرُ في كُلِّ مكانٍ. تَكونُ الدُّنيا مُشرِقَةً، و الأَهدافُ واضِحَةٌ، و النَّفوسُ طَموحةٌ، تُواجِهُ الحَياةَ بِعزيمَةٍ و إِصرارٍ.
و معَ مُرورِ الزَّمنِ، يُبَدِّلُ ربيعُ العُمرِ ثَوبَهُ إِلى صَيفٍ تَملؤُهُ المَسؤوليّاتُ و التَّجارُبُ، حيثُ تَبدأُ الأَحلامُ بِالتَّحَقُّقِ بَعضَ الشَّيءِ، و تَتَراكمُ الخبراتُ. وَ يَظَلُّ الإِنسانُ في سَعْيٍ دائمٍ للوُصولِ إِلى أَهدافِهِ، مُواجِهًا التَّحدِّياتِ التي تَعرِضُها الحَياة.
لكنْ مَعَ اقترابِ خَريفِ العُمرِ، تَبْدأُ المَلامِحُ تَتَغَيَّرُ، و التَّجاعيدُ تَرسُمُ على الوَجهِ قِصَصًا طَويلَةً مِنَ الأَيامِ الماضِيةِ. في خَريفِ العُمرِ، يَجلِسُ الإِنسانُ تَحتَ مِجْهَرِ الذِّكرياتِ، يُقَلِّبُ تَجارِبَهُ و يُراجِعُ ما عاشَهُ مِن أفراحٍ و أَحزانٍ، مِن نَجاحاتٍ و إِخفاقاتٍ. يُدرِكُ في هذا الفَصلِ أَنَّ الحَياةَ ليست سِوى مَحطّاتٍ مُتعاقِبَةٍ، و أنَّ كُلَّ فَصلٍ يَحمِلُ معهُ دَرسًا لا يُنسى.
يَكُونُ خَريفُ العُمرِ فَصلًا هادِئًا، مَليئًا بِالرِّضا و التَّأَمُّلِ. فَما كانَ يَبْدو مُهِمًّا في الشَّبابِ، يُصبِحُ الآنَ أقلَّ ضَغطًا. يَميلُ الإِنسانُ إِلى الحِكمَةِ، و إِلى تَقديرِ اللحظاتِ البَسيطةِ، مُدرِكًا أَنَّ الحَياةَ ليست في الكَمِّ، بَل في الكَيفِ، و أَنَّ السَّعادةَ تُستَمَدُّ مِن أُمورٍ صَغيرةٍ قَد لا نَنتَبِهُ لها إِلّا في خَريفِ الأَيّام.
المانيا في ١٧ اوكتوبر ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de
التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 23-10-2024 الساعة 11:16 PM
|