عرض مشاركة واحدة
  #48  
قديم 03-11-2023, 10:38 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,217
افتراضي

مِنَ المُحزن جدًّا و المُسيء حقيقةً لقضيّة الشعب الفلسطيني بخصوص ما يجري اليوم في غزّة أو ما جرى منذ 1948 و هو أسلمة هذا الصراع, إنّه أمر خطير يقوم به الصلاعمة المتأسلمون و معهم جوقة القومجيين العروبيين, هم يفعلون هذا دون علمٍ منهم بأنّ صبغ قضية فلسطين بصبغة دينيّة لن يخدم شعب فلسطين بالمطلق, بل سوف يزيد من الأطراف التي ستقف في طريق الحلّ, هذا هو حال الإسلامويين منذ بدء تأريخهم و لغاية اليوم, هم يحشرون الدّين في كلّ قضايا النّاس و المجتمع و الدّولة و العالم, و يرون هذا إخلاصًا للدين و وفاءً له و عملًا به, إلّا أنّ الحقيقة هي غير ذلك, بل هي على النّقيض من ذلك. إنّ كلّ مَنْ يُضفي صبغة دينيّة على هذا الصراع يكون إمّا أنّه جاهل لا يفهم حقيقة ما يجري أو أنّه يتقصّد الإساءة لقضية شعب بأكمله.
ما الذي جناه المسلمون منذ ما يزيد عن أكثر من 14 قرنًا من الزمن و هم يدورون في فلك الدّين بما يدعو له من تطرّف و انغلاق و عنصريّة و كراهية و إقصاء للآخر؟ هل جنوا غير المآسي و الويلات؟ هل حقّقوا أيّ إنجاز في حياتهم غير الجهل و التّخلّف و التقهقر و الانحطاط الفكري و الإجتماعي و الأخلاقي؟ إنّ ما يُحزِنُ أكثر هو أنّهم و على الرّغم من كلِّ ما يعود عليهم منه بالأذى و الضّرر و على غيرهم, إلّا أنّهم مستمرون في هذا النّهج بل أنّهم يزدادون تطرّفًا و عنصريّةً.
أينَ وجه الصّراع الدّيني في قضيّة فلسطين؟ هل يستطيع أيّ مسلم من هؤلاء الذين يسيرون على هذا المنوال الإجابة عن هذا السؤال؟ و ماذا يفيدهم لو حشدوا كلّ أمّة محمّد في هذا النّفق؟ فهل نحن في عصر الغزوات المحمّدية و سبيها و استعمارها لأراضي الغير بقوّة السّلاح؟ يقولون إن اليهود غرباء عن هذه الأرض بينما في الحقيقة أنّ الفلسطينيين هم الغرباء و الدّخلاء على هذه الأرض منذ الغزو المحمّدي الذي قام به عمر بن الخطّاب فاحتلّ بيت المقدس و استقدم أعرابًا من كلّ ناحية و صوب ليسكنهم في هذه الأرض التي يقول عنها كتاب المسلمين إنّها أرض إسرائيل للابد. المسلمون لا يريدون في ايّ يوم من الأيّام الاعتراف بأيّة حقيقة, و هذا لن يفيدهم فالحقّ سيبقى حقًّا و الباطلُ باطِلًا. العرب لا يريدون التّخلّي عمّا عاشوا عليه و ألفوه و تعلّموه مع الحليب الذي رضعوه, القتال ثم التناحر ثم الخلافات ثمّ الكراهية الخ... فحتّى لو لم يكن للعرب المسلمين عدوّ, فهم قادرون على خلق أعداء لهم من الحجر, و قد كانوا على هذا النّحو قبل الإسلام و واظبوا على ذلك بعد الإسلام و على نطاق أوسع في حروب الغزو المحمّدية لبلاد العالم, لفرض هذا الدّين الذي يعملون من أجله على شعوب كانت على أديان أخرى فأرغمتها بترك أديانها و قضت عليها تدريجيًّا بفعل الحقد و الكراهية.
أفيقوا إنّ جعل طبيعة الصراع بين اليهود و الفلسطينيين على أنّه صراع ديني, هو خطأ بالأصل و هذا الخطأ سيعود عليكم بالمزيد من النكسات و الانهزامات و المآسي.
لم يقبل العرب في سنة 1948 بحلّ الدولتين و هو ما كانت أقرّته عصبة الأمم حينها, فقالوا إمّا كلّ شيء أو لا شيء و خاضوا الحرب فخسروها و خسروا دولتهم التي كان من المقرّر أن تقوم إلى جانب دولة إسرائيل, و اليوم يقاتلون بشراسة من أجل حلّ الدّولتين, و حتّى لو صار هذا الحلّ واقعًا فلن يحصل الفلسطينيون سوى على أقلّ ممّا أُعطي لهم سنة 1948. شعب لا يعرف أين هي مصلحته و يدفعه الغرور و التّعالي و العنجهية القومجية الفارغة على ظنّه بأنّ هذا سيحقّق له شيئًا مِمّا يسعى له و يريده. إنّ كلّ مَن يُصَوّر هذا الصّراع على أنّه دينيّ فهو لا يخدم الشعب الفلسطيني بل هو خائن لقضية فلسطين و شعبها.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس