قصيدة في أهمية علم النحو
قالَ أَبو عمرو الدَّاني في شَرحِ الـخَاقَانيَّـة :
كَتبتُ مِن حِفظِ أبي بَكرٍ مُحمَّدِ بنِ عليِّ بنِ أحمدَ الأُذفويِّ المقرئِ قالَ : أُنشدنا لِـعَليِّ بنِ حَمزةَ الكِسائيِّ ـ الإمام ـ رحمهُ الله تعالَى :
إِنَّمـا النَّحْـوُ قِياسٌ يُـتَّـبَـعْ ** وبِه فـي كُلِّ عِلمٍ يُنـتَـفَـعْ
فَإِذا مَا أَبصَرَ النَّحوَ الفَتَى ** مَرَّ في المنطقِ مَـرًّا وَاتَّسَـعْ
وَاتَّــقاهُ كُلُّ مَــن جالَــسَهُ ** مِن جَليسٍ نَاطِقٍ أَوْ مُستَمِعْ
وَإِذا لَـمْ يُبصِرِ النَّحْـوَ الفَـتَى ** هَابَ أَنْ يَـنطِقَ حِينًا فَانقَمَـعْ
فَـتَـرَاهُ يَنْـصِبُ الرَّفْـعَ و مَـا ** كَانَ مِن خَفْضٍ وَ مِن نَصبٍ رَفَعْ
وَإِذَا حَرْفٌ جَــرَى إِعــرَابُه ** صَعُبَ الحرفُ عَليهِ وَامْتَـنَعْ
يَقرأُ القُــرآنَ لَا يَعـرِفُ مَـا ** صَرَّفَ الإِعْرابُ فِيهِ وَمَـنَـعْ
يَـحْـذَرُ اللَّـحْـنَ إِذَا يَـقـــرَؤُهُ ** وَهْوَ لَايَدرِي وَفي اللَّـحْنِ وَقَعْ
يَلْـزَمُ الذَّنـبُ الَّذي أَقْــرأَهُ ** وَهْوَ لَا ذَنْبَ لَهُ فِيمـا اتَّـبَـعْ
وَالَّذي يَـعْــرِفُـــهُ يَـقـرَؤُهُ ** فَإِذَا مَا شَكَّ فِي حَرْفٍ رَجَعْ
نَاظِـرًا فِيـهِ وَفِي إِعْــــرَابِهِ ** فَإِذَا مَا عَرَفَ الحَـقَّ صَدَعْ
وَكَذا لِلْعِلْمِ وَالـجَـهْلِ فَـخُذْ ** مِـنْـهُما مَا شِئْتَ مِن أَمرٍ وَدَعْ
أَهُـمَـا فِيهِ سَـــواءٌ عِندَكُمْ ** لَيْسَتِ السُّـنَّـةُ فِيـنا كَالبِدَعْ
كَمْ رَفيعٍ وَضَعَ النَّحْـوُ وكَمْ ** مِن وَضيعٍ قَــد رَأَيـناهُ رَفَـعْ
معارضتي للقصيدة أعلاه شعر: فؤاد حنّا
إنَّ في النحوِ القياسَ المُتَّبَعْ **إنْ رغبَت النحوَ ميزاناً وُضِعْ
كم مِنَ الأعلامِ في أحكامِهِ ** أدركوا عجزاً فتاهوا في بِدَعْ
حاولوا استنباطَ مَفهومٍ لِما ** حالةُ الإعرابِ تدعو أو تقَعْ
جاهدوا منْ أجلِ أنْ يبقى لهمْ** مركزٌ للفخرِ عندَ المجتَمَعْ
بيدَ أنّ النحوَ علمٌ واسعٌ** في متاهاتٍ لهُ جَمعٌ وقَعْ
إنْ رأيتَ النحوَ علماً نافعاً ** فاجتَهِدْ بالبحثِ في أمرٍ و دَعْ
بعضَ ما في سِرِّهِ مِنْ غامِضٍ ** كُنْ على إيقاعِ عذبٍ مُسْتَمِعْ
بحرُ علمِ النحو أعيا مُبحِراً ** في مرامي النّصبِ أو في ما رَفَعْ
إنّ في التاريخِ جولاتٍ لِمَنْ ** أسهموا بالنحوِ حتّى يَرْتَفِعْ
منهمُ الكوفيُّ أبدى حجّةً ** عندما البصريُّ ما شاءَ اقتنَعْ
هذهِ الصّولاتُ جاءتْ رِفعةً ** لانتعاشِ النحوِ و النحوُ ارتفَعْ
لو وضعنا السّيفَ حَدَّاً مُرْهباً ** في مدى أحكامِهِ فكراً قَمَعْ
لم يَكنْ مهوى اجتهاداتٍ أتى ** مُغنياً نحواً و مِنْ نحوٍ رَفَعْ.