
13-03-2006, 08:14 PM
|
 |
Administrator
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,222
|
|
شهداء حرب البسوس .د حمزة رستناوي
شهداء حرب البسوس: من الزير سالم إلى جبران تويني
د حمزة رستناوي - كاتب سوري
بعد قطيعة عائلية عفوية يبِّررها انشغالي في شؤون العمل وهموم الحياة، قررت أن أصل رحمي وحزمت جسدي لقضاء الليلة في منزل أخي. وأثناء متابعتي لجنازة الصحفي والنائب اللبناني جبران تويني على شاشة التلفزيون في منزل أخي، شعرت بحزن وانتابني مزاج متشائم مركب
- الله يرحمك يا جبران تويني
رأيت علامات الاستغراب والدهشة على تقاسيم وجه أخي، وقال لي:
ـ كيف يرحمه الله وهو مسيحي
ـ قلت له: رحمة الله وسعت كل شيء
ـ فقال لي: لايدخل الجنة من كان مسيحيا
ـ فقلت له "بسم الله الرحمن الرحيم، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"
ـ فقال لي: ولكن المسيحيين مشركين
ـ فقلت له: بل المسيحيون موحدين أصحاب رسالة سماوية يؤمنون بالله
ـ قال: ولكنهم مثلثون، لديهم ثلاثة آلهة في إله واحد
أوقفت النقاش، كي لا أدخل معه في نقاش لاهوتي حول المسيحية. وقلت له اقرأ معي هذه الآية القرآنية "إن الذين أمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله و اليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون". ألم يذكر الله النصارى؟
ـ قال نعم ولكن هذه الآية تخص النصارى قبل بعثة سيدنا محمد
أوقفت النقاش، كي لا أدخل معه في نقاش حول تاريخية هذه الآية ومقاصدها واعتذرت منه، ثم حزمت جسدي وأفكاري متذرعا بالتعب و حاجتي للنوم. وراودتني فكرة مفادها أن الدين عندنا هو "أن نصلي و نكره الآخرين".
في طريق العودة مررت على البقالية المجاورة لمنزلي كي أشتري بضع حوائج، فدعاني صاحب البقالية لشرب فنجان قهوة، فأجبت دعوته حيث أنه صديق دراسة قديم، ولم أجلس معه منذ مدة، "صلة الجيران".
بادرني للسؤال عن أخباري، فأبديت له حزني، وتشاؤمي متأثرا بحادث اغتيال جبران تويني، وقلقي على مستقبل العلاقات السورية اللبنانية ومستقبل أولادنا وأحفادنا والبلد
- لقد تخلصنا اليوم من.... وعقبال كل الخونة
- قلت له: بماذا أساء لك جبران تويني وغيره ممن تصفهم ب..... لم يطلق جبران النار على أحد، ولم يفخِّخ سيارة في حياته ويقتل الأبرياء
ـ و لكنه يحرض علينا
ـ قلت له: يمكنك أن ترد على كلامه، وتفند وجهة نظره بمقال مثلا، و لكن قتله بهذا الشكل العنفي مرفوض وفق كل الشرائع السماوية والقوانين البشرية
- أجابني: هيك ناس بدون تكسير روس
- قلت له: و فق منطقك هذا، أخوك الذي يعمل في لبنان يجب تكسير راسو وطرده وقطع رزقو"سلامتو وسلامتك!!!"
ليست القضية مين يكسر راس مين، منطق تكسير الروس ما بيجيب نتيجه، منذ حرب البسوس ونحن نكسر روس بعض، وانظر إلى أين انتهينا.......
حرام عليك يا شيخ لماذا تدافع عن القتل والقتله... وأنت ليس لك ناقة و لا جمل.
وبذلك أنهيت النصف الثاني من سهرتي، و عدت مكتئبا حزينا إلى منزلي، واتخذت قرارا غير قابل للطعن وعن سبق إصرار وترصد، بقطع صلة الرحم وصلة الجيران وكل أنواع الصلات الملعونة.
حقا إن الثقافة العربية الإسلامية الراهنة ثقافة مريضة، تغيب فيها قيمة الحرية واحترام الآخر، فأمامنا طريق طويلة أكثر مما نظن...
ترى ما الذي يجعل أخي وصديقي بائع البقالية وتسعين بالمائة من "جماهير شعبنا" تشمت في الموت و تبرر القتل؟!
hamza005@scs-net.org
|