عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-05-2008, 01:58 AM
الياس زاديكه الياس زاديكه غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 14,102
افتراضي المقامة الصنعانية للحريري !!

من مقامات الحريري : المقامة الصنعانية

هذا فن ادبي يسمى المقامات
من مقامات الحريري
المقامة الصنعانية
حدث الحارث بن همام قال :
لما اقتعدت غارب الأغتراب . وأنأتني المتربة عن الأتراب . طوحت بي طوائح الزمن .
الى صنعاء اليمن .
فدخلتها خاوي الوفاض . بادي النفاض . لا أملك بلغة . ولا أجد في جرابي مضغة .
فطفقت أجوب طرقاتها مثل الهائم . وأجول في حوماتها جولان الحائم . وأرود في مسارح لمحاتي . ومسايح غدواتي وروحاتي .
كريما أخلق له ديباجتي . وابوح اليه بحاجتي . أو اديبا تفرج رؤيته غمتي . وتروي روايته غلتي .
حتى أدتني خاتمة المطاف . وهدتني فاتحة الألطاف .
الى ناد رحيب . محتو على زحام ونحيب . فولجت غابة الجمع . لأسير مجلبة الدمع .
فرأيت في بهرة الحلقة . شخصا شخت الخلقة . عليه اهبة السياحة . وله رنة النياحة . وهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه . ويقرع الأسماع بزواجر وعظه . وقد أحاطت به أخلاط الزمر . احاطة الهالة بالقمر . والأكمام بالثمر .
فدلفت اليه لأقتبس من فوائده . والتقط بعض فرائده . فسمعته يقول حين خب في مجاله . وهدرت شقاشق ارتجاله .
ايها السادل في غلوائه الجانح الى خزعبلاته .
الام تستمر على غيك . وتستمرئ مرعى بغيك ؟
وحتام تتناهى في زهوك . ولا تنتهي عن لهوك ؟
تبارز بمعصيتك . مالك ناصيتك ! وتجتريء بقبح سيرتك !
وتتوارى عن قريبك . وأنت بمرأى رقيبك !
وتستخفي من مملوكك . وما تخفى خافية على مليكك !
أتظن أن ستنفعك حالك . اذا آن ارتحالك ؟ أو ينقذك مالك . حين توبقك أعمالك ؟
أو يغني عنك ندمك . اذا زلت قدمك ؟ أو يعطف عليك معشرك . يوم يضمك محشرك ؟
هلا انتهجت محجة اهتدائك . وعجلت معالجة دائك . وفللت شباة اعتدائك . وقدعت نفسك فهي أكبر أعدائك ؟
أما الحمام ميعادك . فما اعدادك ؟ وبالمشيب انذارك . فما أعذارك ؟ وفي اللحد مقيلك . فما قيلك ؟ والى الله مصيرك . فمن نصيرك ؟
طالما ايقظك الدهر فتناعست . وجذبك الوعظ فتقاعست ! وتجلت لك العبر فتعاميت . وحصحص لك الحق فتماديت . وأذكرك الموت فتناسيت . وأمكنك أن تؤاسي فما آسيت !
تؤثر فلسا توعيه . على ذكر تعيه . وتختار قصرا تعليه . على بر توليه . وترغب عن هاد تستهدي به . وتغلب حب ثوب تشتهيه . على ثواب تشتريه .
يواقيت الصلات . أعلق بقلبك من مواقيت الصلاة . ومغالاة الصدقات . آثر عندك من موالات الصدقات . وصحاف الألوان . أشهى اليك من صحائف الأديان . ودعابة الأقران . آنس لك من تلاوة القرآن !
وتزحزح عن ظلم ثم تغشاه .
وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه !
ثم انه لبد عجاجته . وغيض مجاجته . واعتضد شكوته . وتأبط هراوته .
فلما رنت الجماعة الى تحفزه .ورأت تأهبه لمزايلة مركزه .
أخل كل منهم يده في جيبه . فأفعم له سجلا من سيبه .
وقال : اصرف هذا في نفقتك . أو فرقه على رفقتك .
فقبله منهم مغضيا . وأثنى عنهم مثنيا . وجعل يودع من يشيعه ز ليخفى عليه مهيعه . ويسرب من يتبعه. لكي يجهل مربعه .
قال الحارث بن همام :
فأتبعته مواريا عنه عياني . وقفوت أثره من حيث لا يراني .
حتى انتهى الى مغارة . فأنساب فيها على غرارة . فأمهلته ريثما خلع نعليه . وغسل رجليه .
ثم هجمت عليه . فوجدته مثافنا لتلميذ . على خبز سميد . وجدي حنيذ . وقبالتهما خابية نبيذ .
فقلت له :
يا هذا أيكون ذاك خبرك . وهذا مخبرك ؟
فزفر زفرة القيظ . وكاد يتميز من الغيظ . ولم يزل يحملق الي . حتى خفت أن يسطو علي .
فلما أن خبت ناره . وتوارى أواره
فقال لي :
ادن فكل . وان شئت فقم وقل . فالتفت الى تلميذه وقلت :
عزمت عليك بمن تستدفع به الأذى . لتخبرني من ذا .
فقال :
هذا ابو زيد السروجي سراج الغرباء .
وتاج الأدباء .
فانصرفت من حيث أتيت . وقضيت العجب مما رأيت
__________________
www.kissastyle.de
رد مع اقتباس