![]() |
في الشرق: عنف اسلامي وقلق مسيحي سليمان يوسف يوسف الحوار المتمدن-العدد: 16
في الشرق: عنف اسلامي وقلق مسيحي
سليمان يوسف يوسف الحوار المتمدن-العدد: 1688 - 2006 / 9 / 29 - 10:23 المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني هذا الخطاب الإسلامي التحريضي، من دون شك، سيلقي بظلاله على علاقة المسيحيين مع مسلمي الدول العربية والإسلامية، و سيترك آثار ومضاعفات سلبية وخطيرة على هذه العلاقة،خاصة في الدول والمناطق التي تشهد اضطرابات أمنية وتوترات طائفية،مثل لبنان ومصر وأفغانستان والعراق الذي دخل في حرب طائفية وعرقية بغيضة نظر لها فقهاء الإرهاب والموت حيث الذبح والفتل الجماعي على الهوية.لهذا كان الأولى بهؤلاء الحريصين على الإسلام والمسلمين أن يلتفتوا الى (محنة العراق) التي لم يشهد التاريخ البشري مثيل لها والعمل من أجل إنقاذ مسلميه، ولا أقول مسيحييه،بدلاً من إطلاق صفارات الإنذار في (الفضاء الإسلامي) كلما وجه شخص كلمة انتقاد للإسلام.لا جدال على أن من حق كل إنسان أن يشجب ويستنكر كل سلوك وفعل مادي أو معنوي يسيء له أو لأحد رموزه، لكن المشكلة هي في اسلوب وطريقة التعبير والشجب.إذ كثيراً ما يساء استخدام هذا الحق وبالتالي ينقلب في غير صالح صاحبه،كما حصل ويحصل من فوضى وفلتان وتجاوزات في بعض المظاهرات والاحتجاجات الإسلامية التي تخللتها أعمال عنف وتفجير وحرق لعديد من الكنائس وهي تعج بالمصلين أوقعت العشرات بين قتيل وجريح في العراق وقتل راهبة في الصومال والتعدي على كنائس في فلسطين وبلدان اسلامية أخرى،فمثل هذه الأعمال الإرهابية والغير مبررة هي من دون شك أساءت للإسلام وشوهت صورته أكثر مما دافعت عنه،حتى أكثر من إساءات البابا ذاتها إذا كان ثمة إساءة.كما أنها تزيد من شكوك الآخرين بقدرة (الدين الإسلامي) على الدفاع عن نفسه بالحجة المنطقية والعقلية وعجزه عن رد الفكر بالفكر وهي تعزز التهم المنسوبة اليه(التعصب ،العنف ،التطرف ،الإرهاب)، خاصة وأن هذه الأعمال الإرهابية لا تقابل باحتجاج جدي وحاسم من قبل المرجعيات الإسلامية العليا. وفي هذا السياق أعتقد بأن نقد بابا الفاتيكان المبطن لـ(الجهاد الإسلامي) في محاضرته، جاء رداً على الفتاوى الإسلامية التي يطلقها بعض رجال دين مسلمين متشددين و قادة (تنظيم القاعدة) الإسلامي المتطرف( بن لادن والظواهري) وغيرهم من الجماعات الإسلامية الإرهابية،وتهديداتهم المستمرة للغرب الأمريكي الأوربي ولكل من يتحالف معهم من العرب المسلمين بمزيد من التفجيرات الإرهابية والعمليات الانتحارية كتلك التي وقعت في نيويورك ولندن ومدريد وعمان وشرم الشيخ وأماكن أخرى من العالم. وقد وصف كاتب(ميرا الكعبي) في صحيفة الوطن السعودية بأن ما يحصل هو(توحيش) للخطاب الإسلامي من قبل بعض الإسلاميين وطالب الكاتب المعنيين في الدول العربية والإسلامية ومرجعياتهم الدينية بوضع رقابة على الخطاب الديني حتى لا يترك الباب مفتوحاً للتجاوزات والفوضى لمن يريد أن يستغل الدين لمقاصد وغايات خاصة مغرضة.كما سارع العديد من المثقفين والنخب العربية والإسلامية للمطالبة بمراجعة نقدية هادئة للخطاب الإسلامي وعقلنة هذا الخطاب على ضوء قيم العالم المعاصر والمتحضر وبما ينسجم ويتوافق مع حاجات الإنسان المسلم ومصالحه وقضاياه الحيوية. واللافت في القضية المثارة والمفتعلة حول محاضرة بابا الفاتيكان (بنديكدتوس) هو دعوة العديد من علماء وعقلاء المسلمين..أمثال: العلامة المفتي (علي الأمين) الى قراءة هادئة ومتأنية لما جاء في محاضرة البابا بعيداً عن الانفعالات والمواقف المسبقة وعن الخلفيات والحساسيات الدينية.في حين نجد في الأوساط المسيحية المشرقية،المدنية والدينية، من زايد على المتشددين الإسلاميين في هذه القضية، خوفاً وتودداً،أبرز هؤلاء المزايدون بطريرك (الكنيسة السريانية الأرثوذكسية)،مقرها العاصمة السورية دمشق، ( زكا عيواص الأول)الذي أصدر بياناً حول محاضرة البابا خلا من أي إشارة أو إدانة وشجب للتعديات الإرهابية على العديد من الكنائس في دول عربية وإسلامية وقتل مسيحيين أبرياء في العراق و راهبة في الصومال على خلفية هذه المحاضرة،ومن غير أن يطالب البطريرك في بيانه المرجعيات الإسلامية بالتبرؤ من هذه الأعمال الإرهابية التي تقوم بها جماعات إسلامية باسم الإسلام،كما كان منتظراً منه. وعوضاً عن ذلك طالب البطريرك زكا في بيانه من (بابا الفاتيكان): ((أن يبرئ المسيحية من أعمال مثيري الحروب في فلسطين والعراق ولبنان وأفغانستان وعلى مقترفي الجرائم ضد الشعوب- في إشارة منه الى أمريكا وحلفائها الأوربيين- و أن يتحملوا مسؤولية أعمالهم فالمسيحية براءة منهم ومن أعمالهم المعادية لأعمال الشعوب))،وكأن هؤلاء الأمريكان والأوربيون)أدعوا بأنهم يحاربون باسم (المسيحية) حتى يتبرأ البابا منهم.يبدو أن البطريرك زكا يجهل أو يتجاهل بأنهم(الأمريكان والأوربيون) يتصرفون كما تقتضي مصالح دولهم وشعوبهم حتى لو تعارضت هذه المصالح مع مبادئ وأخلاق المسيحية ذاتها.المتتبع لمواقف وتصريحات البطريرك زكا في السنوات الأخيرة لم يتفاجأ ببيانه المشئوم هذا،فقد سبق له وفي أكثر من مناسبة تخلى عن انتمائه القومي (السرياني/الآشوري) وطالب برفع راية العروبة عالياً،ذلك تودداً للعرب واسترضاءً للحكام، لهذا لن نتفاجأ إذا ما تخلى البطريرك زكا يوماً عن مسيحيته وطالب رعيته برفع (راية الإسلام) عالياً، أو حتى باعتناق (الإسلام) حرصاً منه على مشاعر المسلمين واسترضاءً لفقهاء الإرهاب والموت. بلا ريب،معظم الديانات والعقائد الفضائية والأرضية، بما فيها المسيحية، ارتبطت في مراحل تاريخية معينة بالعنف والتطرف والتشدد. و بفضل عصر التنوير العالمي وتفتح العقل البشري وتقدم العلوم الإنسانية والتحضر الأخلاقي للإنسان تخلصت غالبية أتباع ومعتنقي هذه الديانات والعقائد من آفة التطرف والتعصب وكره الآخر. لكن يبدو أن في (الإسلام) بقيت شرائح وأوساط مهمة وقوية لا يطيب لها أن ترتقي البشرية وتتآخى دياناتها وعقائدها وتتعايش شعوبها وأن تتساوى على الأرض أمام القانون كما في الفضاء أمام الله. يستند هؤلاء الرافضون في (رفضهم الإلهي) الى نصوص وآيات قرآنية و أحاديث سنية وفقهية.فهم لا يرون خلاصاً للمسلمين والبشرية جمعاء إلا بإقامة (الدولة الإسلامية- الإلهية الفاضلة) وتحقيق(العدالة الإلهية) التي أوصى الله بها بحسب زعمهم والاحتفال بـ(النصر الإلهي)بأسلمة العالم- على طريقة احتفال (حزب الله) في لبنان بـ(النصر الإلهي) في (حرب إلهية) مع اسرائيل- مما يعني دوام واستمرار التوتر والاضطراب بين البشر في (العالم السفلي)،كما بين الآلهة في (العالم العلوي). سليمان يوسف يوسف... سوري آشوري مهتم بحقوق الأقليات ... shosin@scs-net.org |
الساعة الآن 03:16 PM. |
Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by
Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke