عصافيرُ الفرح. نص منثور. فؤاد زاديكه
عصافيرُ الفرح أقبلت عصافيرُ الفرحِ من عالمٍ ضيّقِ الأرجاء كثيرِ الأرزاء. هاجرتْ من مواطنها الأصليّة تبحثُ عن مسكنٍ و غذاء و عن أمنٍ و راحةٍ و ماء. عصافيرُ كانت لها أشواقٌ حالمةٌ و أمنياتٌ غرّاء ضاعت كلُّ أحلامها تحت أقدامِ جبروتِ الأقوياء! نسورٌ.. صقورٌ و غربانُ البلاء لم يتبقّى لها موضعٌ, و انقطعتْ لديها كلُّ آفاقِ الرجاء. كانت تعيشُ في واحةٍ صغيرةٍ, يتحكّم فيها الأقوياء فلا حياةَ و لا أمانَ و لا بقاء فيها للضعفاء. قدمتْ إلى هنا كالغرباء تبحثُ عن مُعزٍّ و عن أصدقاء يا إلهي آفاقٌ رحبةٌ هنا, و هنا الخصبُ و النماء! هنا تختلطُ الأسماء هنا لا تهمّ الملابسُ و الأزياء هنا تختارُ العصافيرُ ما تشاء ليس تقاتلٌ.. لا كراهيةٌ و لا بغضاء. الكلُّ هنا في حالةِ اجتهادٍ و في عطاء, فالنفسُ تجودُ بكلّ سخاء و الفكر يفسّرُ الأشياء و القلبُ يجدُ الفرحَ و العزاء. هُجّرتْ عصافيرُ الفرحِ و كانتْ تريدُ البقاء,, لكنْ حرّةً كريمةً بلا قهرٍ و بدون ظلمٍ بعيداً عن عالمِ الافتراء, و عن وجوهِ الظلمِ و أيدي القهرِ و الاعتداء. وجدتْ راحتها في هذا الفضاء نزعت عنها خوفها الذي دمّر أجملَ الأشياء. الحريّة.. الحريّة الأمان.. الأمان و فرحة اللقاء. نزعتْ عنها ريشَها العتيق فصارَت قويّةً رشيقةً.. حرّةً في ريشِها الجديد حيثُ الصفاءُ و الجمالُ و البهاء. عصافيرُ حزنٍ كانت و اليوم صارتْ عصافيرَ الفرحِ المُضاء تعيشُ ربيعَ الحريّة و عطاء الشتاء. عالمٌ جديدٌ.. فيه المعرفةُ و القيمةُ و الرخاء, و الاتزانُ و العدالةُ و الحقُّ و الاستواء. في مثلِ هذا المكانِ يُمكنُ أن تُبدعَ العصافيرُ غناءً ليس كأيّ غناء غناءٌ فيه شجنٌ و فيه سَلْطنةٌ و فيه كبرياء عالمٌ مليءٌ بالثقةِ و بالأمل و بالرجاء. حزنتْ عصافيرُ الفرحِ عندما لاحظتْ هذه الفروقَ بين الأمسِ و اليومِ و منَ الفرحِ اختنقتْ دمعةُ البكاء! |
الساعة الآن 11:09 AM. |
Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by
Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke